منذ فترة والحديث عن فك الارتباط هو هاجس العديد من القوى والفعاليات المختلفة, فهناك أوساط معروفة تدعو لفك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية وهناك أوساط أخرى تناهضها من مواقع مختلفة, بعضها عروبي وبعضها اسلامي وبعضها ينطلق من أجندة أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية في الأردن.
و كما يختلف الاردنيون حول ذلك يختلف الفلسطينيون أيضا, ولا تزال الأوساط التي تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وتأمل باقامة دولة فلسطينية على بقايا الضفة الغربية تتمسك بفك الارتباط.
مقابل كل هذه الأفكار والتصورات فإن فك الارتباط الأردني المطلوب أولا وقبل كل شيء ليس مع الضفة الغربية ولا مع الفلسطينيين بل المطلوب فك ارتباط سياسي واقتصادي وأمني مع العدو الصهيوني. فمن خلال فك هذا الارتباط تتحدد العلاقة الأردنية - الفلسطينية كما ينبغي أن تكون, ذلك أننا سنجد أنفسنا في هذه الحالة أمام وقائع ومعطيات جديدة تعزز الوحدة الوطنية وتعمقها وتضعها على مسار جديد يحشد القوى الأردنية والفلسطينية من أجل خيارات وطنية ديمقراطية تصون حقوقهما معا في إطار المصالح والامال والمستقبل والمصير الواحد.
ولدينا تجربة ماثلة للعيان هي تجربة الخمسينيات التي أعقبت ضم الضفة الغربية للأردن حيث تمكن الأردنيون والفلسطينيون خلالها من اسقاط حلف بغداد وتنظيم انتخابات وطنية ديمقراطية أفضت الى تشكيل أول وآخر حكومة وطنية في الأردن سنة .1956
على العكس من ذلك اذا ما تجاهلنا معركة فك الارتباط مع العدو الصهيوني واستبدلناها بفك الارتباط الأردني الفلسطيني نكون قد قدمنا للعدو الهدية المجانية التي يسعى لها منذ سنوات, والتي تدخلنا في أشكال مختلفة من الاحتقانات الاقليمية المتبادلة بما يؤدي في النهاية الى خسارة الشعب الفلسطيني لقضيته المحقة العادلة في العودة وتحرير أرضه كما يؤدي الى استنزاف الأردن على غير طائل ومن دون أفق أو مستقبل.
و في مقاربة السيناريوهات السابقة علينا جميعا التمعن جيدا في الثنائيات الشائعة التاليه:
1- ثنائية الجغرافيا والديمغرافيا (السكان), فحيث تركز أوساط أردنية على البعد الجغرافي عند وضع قوانين الانتخابات والأحزاب وغيرها, تركز أوساط فلسطينية على الديمغرافيا السكانية. وهنا يمكن أن ندعو إلى تسوية معقولة بين البعدين لا تكرس مبدأ المحاصصة وفي الوقت نفسه تعزل الأصوات الاقليمية عند الطرفين.
2- ثنائية الأوهام والمخاوف الفلسطينية والأردنية, أوهام البعض بأن دورهم قد حان في إطار إعادة هيكلة الدولة ومخاوف البعض من أن دورهم السابق قد ولى. وقد سبق وكتبت في هذه الزاوية أن الأردن المطلوب في سيناريوهات ومشاريع العدو واتفاقياته ومعاهداته ليس وطنا سياسيا لأحد لا للأردنيين ولا للفلسطينيين بل مجرد مجال حيوي وجغرافيا غير سياسية لسكان لا لمواطنين, مما يبدد أية أوهام كما يحيل المخاوف الأردنية إلى العدو الصهيوني لا إلى أية كتلة فلسطينية.0
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)