جامعة العلوم والتكنولوجيا: إنجازاتُ صَرْحٍ تعليميّ
الدكتور مصطفى الشهابات
20-12-2023 06:18 PM
في سماءِ بلدٍ واسعٍ يمتلئ بقاماتٍ علميّةٍ حاضرةٍ سَمَتْ بالأردنِّ إلى ساحة الامتياز والفَخَار، وجعلت منه رقمًا صعبًا يحظى بأفضلِ المراكزِ على الصعيدين؛ العربيّ والعالميّ، مجموعًا ذلك مع اهتمامِ بلدِنا الحثيثِ بالعلمِ والتعليمِ، والحرصِ على تأكيدِ دورِهِ في تحقيقِ الحضارة؛ فلا يدلُّنا قولُ جلالةِ الملكِ عبدِ اللهِ الثاني ابن الحسين عندما قال: "جامعةُ العلومِ والتكنولوجيا الأردنية أفضلُ مؤسَّسةٍ علمية في الأردنّ"، إلا على تميُّزِها على مستوًى آخرَ من الإبداعِ والتَّألُّقِ في تحويلِ مطالبِ دولتِنا من أحلامٍ غيرِ مرئيَّةٍ إلى إنجازاتٍ حقيقيّةٍ ملموسةٍ نراها كُلَّ يومٍ مع طلوعِِ الشمسِ وغروبِها. فلذلك كانَ من الواجبِ علينا أن نَفخرَ بجامعتِنا وبكُلِّ ما قدَّمتْهُ وما ستقدِّمُهُ لطُلَّابِها وعامليها وأردنِّنا الحبيب، وأن نَفيَها حقَّها وحقَّ العاملين عليها من خلالِ استعراضِ مساعيها المشكورةِ، ونجاحاتِها المُتلاحقةِ المبرورةِ.
ابتداءً بالمستوى الأكاديميّ، فقد كانتْ جامعةُ العلومِ والتكنولوجيا الجامعةَ السّبّاقةَ غالبًا والمنفردةَ أحيانًا بتخصصاتٍ غيرِ متوفّرةٍ في بقيّةِ الجامعاتِ الأردنيّة. بالإضافةِ إلى قيامِ الجامعةِ بتحديثِ خططِها ومراجعةِ برامجِها الأكاديميّةِ وربطِها بمتطلباتِ سوقِ العملِ ضمنَ خطةٍ إستراتيجيةٍ مُؤَتْمَتَةٍ؛ حيثُ يمكنُ متابعةُ الإنجازاتِ ومراحلِ التخطيطِ الإستراتيجيّ خطوةً بخطوة. كما ويمكنُنا القولُ بثقةٍ: إنَّ جامعتَنا في صددِ استحداثِ برامجَ غيرِ موجودةٍ في الجامعاتِ الأردنيّةِ؛ بما يواكبُ احتياجاتِ سوقِ العملِ داخلَ الأردنِّ وخارجَهُ؛ وهذا يأتي منسجمًا مع رؤيةِ التحديثِ الاقتصاديّ (2023-2025).
هذا وقد تميّزتْ الجامعةُ في السّياقِ ذاتِه بحصولِ كلياتِها على اعتماداتٍ دوليةٍ مرموقةٍ ومُتخصّصة، وقد كانت جامعةُ العلومِ والتكنولوجيا أولى جامعاتِ الأردنّ التي حصلت على اعتماديةٍ أمريكية "ACGME" في ما يتعلقُ ببرامجِ الإقامةِ (الاختصاص العالي في الطب). وبهدفِ ديمومةِ التميزِ والتطورِ ومواكبةِ مستجداتِ العلم؛ وضعتْ الجامعةُ خطةَ ابتعاثٍ خُمسيّةٍ طموحةٍ سيتم على أساسها ابتعاثُ قرابةَ 262 مبتعثًا في كافّةِ التخصصات.
وأمّا عن أبرز إنجازات الجامعةِ في مجالِ البحثِ العلميّ؛ ولأنَّ زمنَنا ما هو إلّا زمنُ البحثِ والاجتهادِ؛ تُعدُّ جامعةُ العلومِ والتكنولوجيا الأولى محلّيًّا في هذا المجال؛ حيثُ إنَّها تتصدّرُ الجامعاتِ الأردنيةَ في عددِ الباحثين المتميّزين على مستوى العالمِ؛ وذلك ضمنَ قائمةِ "top 2% researchers"، ولم يتحقَّقْ ذلك إلّا بسبب البيئةِ البحثيةِ المُلائمةِ وتميّزِ مستوى باحثي الجامعة. كما قد تمكنتِ الجامعةُ من تصدُّرِ الجامعاتِ الأخرى من حيثُ عددُ الأبحاثِ التي ينشرُها باحثوها في مجالاتٍ تتقاطعُ بها الجامعاتُ الأردنية؛ حيثُ كانَ متوسطُ نشرِ الباحثِ في الجامعةِ بحثين سنويًّا، وهذ أعلى متوسطِ نشرٍ في الجامعاتِ الأردنيّةِ كافّةً من حيثُ التخصصاتُ المماثلة.
وإنْ جئنا على ذكرِ الصعيدِ الماليّ للجامعة؛ فمن الجديرِ بالذكرِ أن نذكرَ عدم مديونيّةِ الجامعةِ لأيةِ جهةٍ من الجهات؛ فقد قامت بتسديدِ كاملِ التزاماتِها المُستحَقَّةِ لدى الدولة، ولم يعدْ على الجامعةِ أيَّةُ قروضٍ أو تسهيلاتٍ بنكيةٍ لأيَّةِ جهة؛ فالجامعةُ تحتوي على وَحداتٍ إنتاجيّةٍ تَدرُّ عليها مبالغَ تقدَّرُ بالملايين استطاعت من خلالها، مصحوبا ذلك بإدارةٍ حكيمة، تسديدَ مديونيّتِها. كما كان ضبطُ النفقاتِ من أهمِّ القراراتِ التي اتُّخِذتْ في الجامعةِ؛ لتسخيرِ كافَّةِ إمكاناتِها في خدمةِ التدريسِ والبحثِ العلميِّ والمجتمع عامّة.
ولا يفوتُنا أن نشيرَ إلى قيامِ جوهرةِ الجامعاتِ بإنشاءِ مشاريعِ الطاقةِ والمياهِ والزراعةِ والصحةِ، التي عادت بفائدةٍ مباشرةٍ على المجتمعِ المحلّيّ. كما أنَّها كانتْ من أولى الجامعاتِ التي تبنّتْ خطةً إستراتيجيّةً لدمجِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصّةِ؛ حيثُ قامتْ بتأهيلِ متطلباتِ استخدامِهم للمباني وتجهيزِها وتشغيلِهم فيها. ولا ننسى بالتأكيدِ، تجسيدَها رؤيةَ القيادةِ الهاشميّةِ في تمكينِ المرأةِ؛ حيثُ تَشْغَلُ السّيّداتُ فيها أكبرَ عددٍ من المناصبِ في الإداراتِ العليا كعمداءَ ونوّابِ رئيس. كل هذا وأكثر، كان عاملًا في حصولِ جامعتِنا مؤخرًا على مؤشرِ النّزاهةِ وشفافيةِ الإجراءاتِ وعدالتِها؛ الذي يتحدثُ بنفسه عن كميةِ جهدٍ هائلةٍ توضَعُ كلَّ يومٍ للحفاظِ على نهجٍ سائرٍ في مؤسسةٍ تعليميةٍ كهذه.
كلُّ ما تمَّ ذكرُه وعشراتُ الإنجازاتِ التي يلمَسُها العاملون والطلبةُ والزّوّارُ في الجامعة؛ ما كانت لتكونَ إلا من خلالِ فريقِ عملٍ متفانٍ يرأسُهُ شخصٌ يتمتعُ بمهنيةٍ عاليةٍ ويعتمدُ سياسةَ البابِ المفتوحِ؛ سواء بالاستماعِ المباشرِ أو باستقبالِ الملاحظاتِ والاقتراحاتِ شخصيًا، أو من خلالِ المَعنيّين من فريقِهِ أو الزياراتِ الميدانيةِ الدائمة. فلا يُقال في حقَّ مثلِهِ: إلّا أنَّه قائدٌ أكاديميٌّ يُشار إليه بالبَنان، عطوفةَ الأستاذِ الدكتورِ خالد السّالم؛ الذي تميّزَ بتفوقِهِ في جميعِ مراحلِ حياتِهِ الأكاديميةِ؛ ليكونَ من نخبةِ أطباءِ الأردنِّ الذين حصلوا على عدَّةِ بورداتٍ أمريكيةٍ في طبِّ الأعصابِ، وقد تمثّلَ هذا التميّزُ في مهنيَّتِهِ العاليةِ بإدارةِ الجامعةِ والحفاظِ على مواردِها؛ فحُقَّ لنا أن نفخرَ بجامعتِنا وبرئيسها! دامت جامعتنا جوهرةً ثمينةً تحرسُها أيدٍ أمينةٌ!