قد يكون هدف الحياة الأكبر الاعداد للحياة الأخرى اما معنى الحياة الحالية و هدفها فهو السعادة والرضا.

هذا المفهوم يأخذنا في طريقين السعادة المبنية على الثمن وتلك المبنية على القيمة.

فالأولى سعادة قصيرة متكررة وقودها الماديات من المال والطعام والمظاهر والشهرة وبالتالي هي قوة خارجية تعتمد على تقييم المحيط. اشبه صاحبها براكب الدراجة الهوائية فهو يسير للأمام ويحفظ التوازن ما دام يبدل فان توقف سقط.

أما الثانية فهي مبنية على قيمة الأشياء من الإنجاز والمهارات والعلم والثقافة لذلك لا بد لها من قيم أساسية عالية مثل الاعتزاز والكرامة والشجاعة والوعي والعطاء واحترام الذات. أي أن صاحبها يصبح انسانا افضل وسيحقق ما سبق في الحالة الأولى من المال والشهرة والماديات وحتى لو لم يحققها فهو مكتفي بقيمة ما حقق من احترام الذات وعمق الوعي وسعة المدارك وارتفاع الهمة.

الأولى ثقافة استهلاكية تغزو مجتمعنا فنراها في تطبيقات التواصل مثل تك توك كعملية تسول مبطنه بالتذلل والتعري واضحاك او ترفيه الاخرين بسلوكيات تحط من قيمة الذات.

أما الثانية فهي ثقافة عميقة قوية صلبة تعطي صاحبها القوة الداخلية والعيش حتى على الكفاف اذا تعارضت المسالك مع القيم الأساسية النبيلة.

اذا كانت تفاصيل الحياة من السلوك والأفكار والعواطف شكل الحياة فإن الثقافة هي جوهرها ومضمونها فإذا ارتقت ثقافة الفرد و المجتمع اتجه الى التحضر والمدنية وقبول الاخر وتغليب الحوار ورفض العنف وعدم احتكار الحقيقة والمسؤولية والعطاء أما اذا انحدرت الثقافة يتردى الذوق وينتشر العنف والانانية والتعصب والفوضوية والتذمر والمعاناة.

فالثقافة برأيي هي مجموع ما يحصل الفرد والمجتمع من المعارف (من القراءة والموروث التاريخي والاجتماعي والعادات والاعراف والاديان) بما يرتقي بالذوق ويعمق الوعي ويوسع المدارك يعزز الهمم وهذا ينعكس في سلوك متحضر راقي. اذا الثقافة هي معارف وعقل ومرآته التحضر. لإعطاء الخصوصية للفرد او المجتمع لا بد من الهوية المبنية على ثقافة سليمة تنتج وطن داخل كل مواطن وليس مواطن يعيش في وطن دون عمق انتماء بحقائب جاهزة للحزم والانتقال عند اي طارئ.