مع اعلان نتائج الثانوية العامة لهذا العام تتكرس قصة "التوجيهي" كسؤال وطني كبير برسم الاجابة، ذلك انها كأس دوارة سيرتشف "مرارتها" او حلاوتها كل مواطن اردني في ترقبه لنتيجة ابنه او ابنته او احد اقاربة.
واذا كانت "المرارة" والحلاوة قضية فردية، فاننا على المستوى الوطني نتجرع السم لهول التداعيات التي تترافق مع اعلان النتائج، سواء من الطيش الذي يترافق مع الافراح والجنون الذي تخلقه الافراح.نحمد الله ان جنبنا شرور الحروب وويلاتها ى ،ولكننا نبتهل اليه ليل نهار، بان تتوقف المآسي التي تخلفها العيارات النارية التي ملأت سماء الاردن ضجيجاً ورعباً الليلة الماضية.
اننا لا نعرف ما الذي يمكن ان يقنع مواطنينا، بالتخلي عن هذه العادة القاتلة في ضوء ما حصدته من ارواح وما خلقته من ضحايا.
لم يعد مفهوماً سر التمسك بهذا التقليد، على الرغم من الحملات الاعلامية المكثفة والاجراءات العقابية المشددة وابتكار الوسائل الاجتماعية التي تحول دون توسع هذه الظاهرة واستفحالها .
اللغز بحاجة الى فكفكة وازالة الغموض عن اسراره اكراماً لكل الضحايا الابرياء وخصوصاً الاطفال منهم الذين خطفهم الموت من احضان امهاتهم، وخطف معها كل الفرح، وظلل مئات الاسر بغيوم من الحزن والفقدان لن يكون اخرها ابن التسعة شهور الذي اودت بحياته "رصاصة طائشة" وهو في حضن امه قبل عدة ايام.
قلنا ان هذا اللغز بحاجة الى من يحله في ضوء توفر الكثير من اشكال التعبير البديلة عن الفرح اكثر سلامة وابهاجاً، فالالعاب النارية، اصبحت متوفرة بالاف الاشكال وباسعار هي في متناول الجميع.
رصاصات التوجيهي الطائشة ليست وحدها المشكلة، فالانفلات والطيش في قيادة سيارات للتعبير عن الفرح هو ارهاب اجتماعي يهدد حياة الكثيرين بعد ان اودى بحياة الكثيرين.
هذا عن التوجيهي وافراحه
اما اتراحه فتلك قصة اخرى فالجريمة البشعة التي تمثلت بذبح متفوق في التوجيهي رفض تغشيش زملائه ليست اول الحوادث ولن تكون اخرها والجميع يتذكر ان ابشع مجزرة اسرية في الاردن تم اقترافها من قبل طالب توجيهي بحق 12 من افراد اسرته ، ونسمع عن طالب اخر حرق نفسه وفتاه هربت من منزها خوفاً من عقوبات التوجيهي التي سيفرضها عليها اهلها وغيرها من حوادث التوجيهي التي تملأ البلاد طولاً وعرضاً.
نعرف ان التوجيهي هو النموذج الابرز للعدالة بين الاردنيين من مختلف مناطقهم، وهو صورة حضارية راقية للمساواة، ولكنه في الوقت ذاته قد تحول الى كابوس وطني ينبغي ايجاد حلول وطنية له، ولا يعني ذلك اننا مع الدعوة لالغاء هذا الامتحان الذي يعتبر باكورة مخرجات النظام التعليمي الاساسي ولكننا مع البحث عن صيغ وحلول تخفف من رهبة هذا الامتحان واعادة انتاج قيمته الاجتماعية بالصورة التي لا تؤدي افراحه واتراحه الى كوارث ومآس وطنية كل عام.