باستثناء الذين رضعوا جينات الديكتاتورية والظلم وإلغاء الآخر مع حليب أمهاتهم، لا احد في الوطن العربي لا يدعم الإصلاح ويتمناه، كما ليس من السهل أن نعثر على أحد، مهما كان فكره السياسي، لا يسعى إلى المشاركة السياسية، وقطعاً ليس من السهل أن نجد أحدا، باستثناء الفاسدين ومدمني السحت الحرام، يقف ضد محاربة الفساد، بل وليس فينا أو منا من لا يأمل بالاصلاح الذي يلبي طموحات الجماهير سواء كان شاملاً أو جزئياً.
لقد استبشر العرب خيراً بالتغيير الذي حصل في كل من مصر وتونس، ويستبشرون خيراً بما سيحصل في غيرهما من بقية الأقطار العربية على امتداد الساحة العربية. إلا أن المواطن العربي يتوجس ريبة وخوفاً على مصير مملكة البحرين التي عرفت عبر تاريخها، دولة مسالمة هادئة ووادعة، لكنها تتموضع اليوم في مركز الحدث الذي «هب» على منطقتنا العربية. وبالرغم من إيماننا المطلق بالديمقراطية والمشاركة السياسية وحقوق الإنسان، لكننا وجلون على البحرين التي تمثل حاله خاصة فيما يتعلق بمفهوم الديمقراطية والحريات الأساسية للإنسان. فمن خلال الشعارات التي رفعها المحتجون في البحرين، وليس البحرينيين، نلاحظ بأن ثقافة الاحتجاج هذه تمجد البعد الفارسي على حساب الانتماء العربي للبحرين وشعبه، بل تجرأت هذه الشعارات إلى النيل من الكرامة العربية والعرف العربي، وتمجد بطريقة مرفوضة، خلقاً وعرفاً وديناً، عرقاً آخر على حساب العرب الذين من بين جنباتهم بعث الله في عليائه محمد صلى الله عليه وسلم نبياً للعالمين. بالإضافة إلى أن الصور التي رفعت تمثل بعداً طائفياً بغيضاً لا يمثل، بأي حال من الأحوال، ثقافة وعقيدة وانتماء الشعب العربي البحريني المسلم. والهدف من كل هذا التحدي لمملكة البحرين والتطاول على الأعراف العربية هو طمس عروبة البحرين وإنهاء انتمائها العربي، لنجد أنفسنا وقد عدنا إلى حكاية القرامطة مع الحجر الأسود ذات يوم.
ففي الوقت الذي تبرهن فيه الحقيقة وتؤكد عليها الوقائع الاحصائية، بان نسبة العرب السنة في البحرين تزيد على 60% في حين لا يتجاوز نسبة غير العرب السنة الــ 40% ( من بين هؤلاء الـ40% أكثر من 90% لا ينتمون إلى العرب والعروبة بصلة، بل هم خليط من الإيرانيين والباكستانيين والهنود وغيرهم). وبالتالي فإن الدعاية المغرضة التي تدعمها الجارة «المسلمة» إيران بان نسبة « غير السنة في البحرين» هي الأكثرية، وبطبيعة الحال فإن الهدف من ذلك هو تحقيق أغراض سياسية توسعية.
ومن هنا فإن على العرب، جزيرتهم وخليجهم وشامهم ومصرهم وعراقهم ومغربهم، أخذ الحيطة والحذر مما يخطط له الأشرار لسلخ البحرين عن عروبتها، بالإضافة إلى دعم البحرين، الملك والحكومة والشعب، للوصول إلى حالة توافقية، فيما يختص بالإصلاح ومحاربة الفساد. إلا أن ذلك يجب أن يتواءم مع الحفاظ على الدستور الملكي البحريني، وانتمائها العربي الإسلامي، ووضع حد للاستسزلام عليها وعلى شعبها بهدف سلخها عن أمتها، كما عاثوا ذات يوم الفساد في العراق ولا زالوا.
نحن مع الإصلاحات الدستورية التي يعمل من أجلها جلالة الملك حمد بن خليفة، لكننا لسنا مع تغيير التركيبة السياسية والديمقراطية للبحرين، ولن نكون مع أي فعل يمس أمن البحرين الوطني وعمقه العربي.فيا معشر العرب تقيضوا من مغبة ترك البحرين وشأنها، لان حكايتنا مع بغداد ما زالت ماثلة أمامنا، وليس من مصلحة الأمة أن تلدغ من جحر مرتين!!..
Almajali74@yahoo.com
(الرأي)