في لغة الحرب روايات مُختلفة ومواقف وقصص متعدّدة ، يبحث بها الجندي عن حلم البقاء ، ويبحث الساسة عن تحقيق أهدافهم ومصالحهم ، عبر كلّ الأعوام الماضية تشابهت الأحداث والحروب بين غالب ومغلوب، وأفواه بنادق متماثلة ، باختلاف الأسباب الخلّاقة لتلك الحروب .
أما في فلسطين شيء آخر يقلب المعادلة ويغيّر التّوقعات ، ويثبت أن البقاء لا يرتبط بنوعية السلاح وعدد الحلفاء ، ولا بكميّة الغطرسة وإرتكاب الجّرائم ، بل يرتبط بإرادة أصحاب الأرض والقضيّة والعقيدة الرّاسخة .
قد يكلّف مشروعاً ما ملايين الدولارات وتتحرّك بشأنه عدداً من المؤسسات، ويواجه رسائل الفشل والعودة بأيدي خاوية الوفاض ، هذا ربما يحدث في كل بقاع الأرض ، لكن فئة مدرّبة لديها مشروع عربي وقومي ، تعيش في قعر الأرض ، إستطاعت مواجهة جيش إسرائيل الوحشيّ الذي لا يمتثل لقانون دولي أو إنسانيّ ، وكبّدته الخسائر الباهضة والحقت بآلياته وجنوده الأذى، بل وأجهزت على إقتصاده ورفعت نسبة البطالة لديه وزعزت أركانه وأجبرت معاونيه الوقوف جنب الحائط .
دارت المقاومة الفلسطينيّة المشهد بذكاء قادتها ومقاوميها بإقتدار ، وكشفت الغطاء عن جبن المُحتل الإسرائيلي ، ليقف جيش الإحتلال عاجزاً عن الوصول للمقاومة بمختلف مواقعها ، والإكتفاء بالعبث بالمدنيين العزّل الذين لا يملكون السّلاح !..
بعد حرب ٧ أكتوبر ، تغيّرت نظرة العالم للحرب في فلسطين ، خسرت إسرائيل قوتها وشعبيّتها على السّاحة العالميّة ، وجرّدت بعض الدول موقفها من التضامن معها ، لتكون إسرائيل وحكومة نتنياهو مجرّد آلة حرب تدمّر جنودها لضعفها في ساحة المعركة العسكريّة ،متمّسكة بغريزتها النّتنة قاتلة الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ .
الأردن بقيادة جلالة الملك، حكومة وشعباً ، كان له الدّور العربيّ الوازن في الوقوف والتّضامن مع الشّعب الفلسطينيّ وأهل غزّة، ولم يهدأ الموقف الأردنيّ على المستوى المحليّ والعالميّ ، في البحث عن سبل وقف إطلاق النّار ووقف الظلم بحق المدنيين من الشّعب الفلسطينيّ ، وإرسال المساعدات الطبيّة والغذائيّة عبر معبر رفح ، وتدشين المستشفى الميداني (٢) الأردني في قطاع غزّة ، وإنزال مساعدات طبيّة عبر المظلّات بشكل متكرّر على قطاع غزّة وكانت الخامسة منها بمشاركة الأميرة سلمى بالزّيّ العسكريّ مع رفقاء السّلاح .
أثبتت المقاومة الفلسطينيّة شرعيتها، وحقوقها بالوقوف وجه الإحتلال الغاصب، وكانت وطناً تحت الأنفاق وشوكة في خاصرة الإحتلال والمطبّعين ، وأدخلتهم بحالة من الرّعب والخسارة المتتالية .
حفظ الله الأردن.. وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين.