ديمقراطية إسرائيلية وارهاب فلسطيني/ القسم الاول
اللواء المتقاعد مروان العمد
18-12-2023 06:36 PM
قد يبدو هذا العنوان غريباً وصادماً . قد يكون قادماً من عالم اللامعقول والادب العبثي الذي انتشر خلال القرن الماضي . او مستوحى من مسرحية توفيق الحكيم في ستينيات ذلك القرن ( يا طالع الشجرة ، جبلي معك بقرة . تحلب وتسقيني بالمعلقة الصيني ) . ذلك الادب الذي يمكن قراءته في كتاب ، او مشاهدته على مسرح ، او شاشة سينما . دون ان يستوعب من قرأ او شاهد اي شيئ مما قرأ او شاهد . رغم انه من انتاج كبار كتاب عصرهم وفلاسفته .
ولذا ومن وحي هذا الادب استوحيت عنواني ، ومن منطلق اللامعقول سوف اثبت لكم الشيئ الا معقول ، وهو ان إسرائيل دولة ديمقراطية ، وان الارهاب فلسطيني .
وبداية و منذ ان ارسلت دول العالم اليهود الذين كانوا يعيشون فيها ، الى ارض كانوا قد دخلوها قبل اربع الاف سنة ، وكان يسكنها قبلهم شعب فلسطيني . واقاموا فيها دولتهم لبضع عشرات من السنين ثم انهارت ، ورحلوا عنها ، واستمر يعيش عليها بعدهم شعب فلسطيني .
ثم ظهر من قرر اعادة أحياء الدولة اليهودية على ارض قيل انها بلا شعب . واخذت السفن المتهالكة تنقلهم من كل مكان ، وتلقي بهم على الشواطئ الفلسطينية ، مرضى و جوعى وفقراء ، وكان ذلك اثر الحرب العالمية الاولى وبموجب وعد بلفور ، وقبل ان تكون هناك محرقة ، وقبل ان يكون هناك هلوكوست ، وقبل ان يكون هناك هتلر .
وقد استقبل الفلسطينيون اصحاب الارض وحملة جنسيتها ، هذه السفن ومن عليها ، واشفقوا عليهم ، واسكنوهم في مدنهم وقراهم ، والبعض في بيوتهم . و مكنوهم من العمل والزراعة ، الى ان تمكنوا من المدن والقرى والارض والبيوت التي آوتهم ، واقاموا تنظيماتهم المسلحة التي مارست افظع انواع الارهاب والمذابح بحق اصحاب الارض.
وطردوا معظمهم منها ، واقاموا دولتهم على اكثر مما اعطاهم بلفور بوعده ، ولجنة بيل البريطانية بتقريرها ، وقرار التقسيم بحدودها . في حين حرم الفلسطينيون من اقامة دولتهم بموجب هذه الوعود والقرارات . ولم يبق من ارض فلسطين سوى القدس والضفة الغربية والتي استطاع الجيش الاردني بقوته المحدودة العدد والعدة ، والغير محدودة القوة والعزيمة حمايتها والاحتفاظ بها.
والتي اندمجت مع دولة شرقي الاردن عام 1950 بطلب من زعمائها ، وذلك بهدف حمايتها من الامتداد اليهودي اليها ، بحجة عدم وجود سلطة تفرض الامن والنظام فيها.
وقد تم منح سكانها الجنسية الاردنية . كما بقي قسم صغير في اقصى جنوب الساحل الفلسطيني مساحته لا تتجاوز 365 كيلو متر مربع ، سمي قطاع غزة ، وتم وضعه تحت الادارة المصرية . ومنح سكانه وثائق سفر مصرية . كما منح الفلسطينيون الذين انتشروا في دول الجوار وثائق سفر من هذه الدول . واقاموا في مخيمات خاصة بهم ، محرومين من التمتع بأي حقوق سياسية ، وحق العمل والسفر . واطلق عليهم لقب لاجئين و نازحين . وحصل بعضهم على جنسية الدول التي اقاموا فيها . وبقي بعضهم متمسكين بارضهم وبيوتهم ،ولم يهاجروا منها . و سموا بعرب إسرائيل ، و فرضت الجنسية الإسرائيلية عليهم لطمس جنسيتهم الفلسطينية.
وسميت الدولة اليهودية بإسرائيل ، وسميت الحركة التي وقفت وراء تأسيسها بالحركة الصهيونية . وقد وصفت هذه الدولة بانها واحة الديمقراطية . بل قيل انها هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ، والتي تبين ان ديمقراطيتها انتقائية وعنصرية ومذهبية.
وفي حرب عام 1967 وقعت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة الدولة الصهيونية .
واثر هذه الحرب ، وبعد هذه النكسة عمل هذا الشعب على استعادة حقوقه في فلسطين عن طريق العمل السلمي والمسلح في بعض الاحيان ، وظهرت منظمة التحرير الفلسطينية ، وتم الاعتراف بها من قبل قمة الرباط عام 1974 كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني . وفي عام 1988 تم فك ارتباطها بالاردن . ومنح سكانها جوازات سفر اردنية مؤقتة دون رقم وطني .
و فشلت منظمة التحرير بتحقيق اهدافها بالقوة المسلحة . ولذا فقد سلكت طريق الحل السلمي ، وكما كانت قد فعلت مصر في اتفاقية كامب ديفد عام 1978 . وفي عام 1993 توصلت منظمة التحرير الفلسطينية الى توقيع اتفاق اوسلو مع إسرائيل ، والذي رسم خارطة طريق يتم خلالها انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية ، تمهيداً لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ، مع تعديلات طفيفة على الحدود يتم الاتفاق عليها لاحقاً . مع بقاء موضوع القدس ومصيرها للمرحلة الاخيرة من المفاوضات.
وعلى اثر ذلك وقع الاردن وإسرائيل اتفاق وادي عربة عام ١٩٩٤ . الا ان الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة اخذت تماطل في تنفيذ بنود اتفاق اوسلو ، واخذت في مصادرة اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة واقامة المستعمرات فيها . بالرغم من اعتراض الشعب الفلسطيني على ذلك ومقاومته له ، والتي ردت عليهم الدولة الديمقراطية بالعنف الجسدي والاعتقال بالرغم من ادانة المجتمع الدولي لهذا التصرف . وهذا الامر ادى اى حصول الانتفاضة الفلسطينية الاولى ، والتي كانت بدايتها سلمية.
ثم ازاء العنف الذي تم مواجهتها به ، فقد اخد بعض الشباب الفلسطيني ومن منطلق حق الدفاع المشروع عن النفس والارض ، بالقيام ببعض اعمال مهاجمة المستوطنين والمجندين الصهاينة ، والتي ردت عليها الاجهزة الامنية الإسرائيلية بالمزيد من العنف والاعتقالات والاحكام الجائرة ، مع هدم منازل القائمين في هذه العمليات ، ومنازل ذويهم الذين لا ذنب لهم . و اطلقت سلطات الاحتلال على الفلسطينيين المطالبين باستقلالهم لقب المخربين والارهابيين ، بمباركة ودعم من الدول الغربية . بالرغم من اقامتها الجدار العازل و مئات الحواجز ونقاط التفتيش ما بين القرى والمدن الفلسطينية ، والتوسع في الاستيطان التي شملت معظم الاراضي الفلسطينية . و اقامة الطرق الالتفافية عليها . وبالرغم من تنفيذها مئات حالات الاعدام الميداني للفلسطينيين الذين يقاومونها بعمليات طعن او دهس او اطلق نار او يحاولون ذلك ، او الاشتباه بنيتهم القيام بذلك.
وفي عام 2005 قامت إسرائيل بالانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة . وفرضت عليه حصاراً شاملاً ، وسيطرت على المعابر التي تؤدي اليه . وتحكمت بكمية البضائع والمستلزمات التي تدخل وتخرج منه ، وفي حركة المواطنين . وشنت عليه العديد من الحروب بحجة مقاومة سكانه لهذه الإجراءات ، وقصفته بالطائرات عدة مرات وهدمت المنازل والمحال والمطار والميناء والمصانع ، وقتلت الآلاف من سكانه . وبنت سوراً يحيط به وجعلت منه سجناً مفتوحاً ليكون اكبر سجن في العالم . وفي هذه الظروف وقعت عملية طوفان الاقصى
يتبع القسم الثاني