facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




اقتله على دفعات!


محمد حسن التل
18-12-2023 01:28 PM

يأتي مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى إسرائيل جاك سوليفان ليقنع القادة هناك أن يخففوا من القصف العشوائي على غزة لتقليل عدد الضحايا المدنيين ، ويقول أنه اتفق مع هؤلاء على استراتيجية جديدة مفادها القيام بعمليات نوعية واختيار تجمعات سكنية بعينها لقصفها وهو مالا يعتبره المبعوث الأمريكي قصفا عشوائيا ولا قتلا بالجملة ، ويدعي أنه نوعا من الحماية للمدنيين يعني القتل على دفعات!!

هل من المعقول أن الاستهتار بدماء الشعب الفلسطيني وصل إلى هذه الدرجة من اللابالية وهذه الفجاجه في الطروحات ، فبدل من أن تضغط الولايات المتحدة من منطلق مسؤوليتها الأخلاقية على أساس أنها الدولة العظمى في العالم وراعية لحقوق الإنسان على الكيان الإسرائيلي تزوده برأي جديد في التكتيك لقتل الفلسطينيين في غزة ناهيك عن القتل في الضفة الغربية ، وهذا يجعل الولايات المتحدة شريكة فعلية في الحرب على الفلسطينيين .

لقد بات الاقتناع راسخا عند الجميع ، وخصوصا عند الشعب الأمريكي أن قيادته تسكت عن الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال والنساء في غزة ، واتضح مدى البعد والفرق الكبير بين سياسات القيادة في الولايات المتحدة والشعب الأمريكي الذي أثبت في معظمه أنه لازال يتمسك بمبادئه باحترام حقوق الإنسان وحق الشعوب في التحرر ، ويطالب قيادته أن تتوقف عن المشاركة في قتل الفلسطينيين ولا تغطي على جرائم الجيش الإسرائيلي مقتنعا أن إسرائيل كيان محتل معتد يجب أن ترفع أمريكا يدها عنه وتردعه بكل الطرق ، وأن تتحرر السياسة الأمريكية من ضغوطات اللوبي الصهيوني الذي ورط دولتهم بسياسات أساءت لصورتها في العالم كحامية لحقوق الشعوب في الحرية والحياة الكريمة وهذا واقع لا يختلف عن موقف الشعوب في معظم الدول الغربية خصوصا في فرنسا وألمانيا التي كانت قيادتهما من أكثر الأطراف تطرفا في الوقوف الى جانب إسرائيل وتحت ضغوط الشارع في هاتين الدولتين بدأت القيادتان هناك في تليين مواقفهما ولاقتراب من الاعتدال ولو قليلا..

أن تصريحات سوليفان في تل أبيب قبل أيام تبين أن الساسة الأمريكيين لا زالوا على موقفهم في دعم إسرائيل في اعتدائها وإجرامها ، ولا زالت المعادلة المعكوسة الظالمة حاضرة في أذهان ان معظمهم وهي أن الأخيرة تدافع عن نفسها ، رغم أنهم في داخلهم يعلمون ويدركون بشاعة ما تقوم به إسرائيل من قتل وتدمير ، ولكنهم يظلون أسرى ورهائن للهواجس الانتخابية وعبث اللوبي الصهيوني الذي يدفعهم إلى ممارسة سياسة عمياء لا تفرق بين الجلاد والضحية ، فكيف للولايات المتحدة أن تقول أنها تسعى لحماية المدنيين الفلسطينيين وهي تدعم الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ، ومما دعا للاستغراب أن البيت الأبيض قبل أيام أعلن أسفه على أن القنابل التي ألقيت على غزة كانت عمياء ، فمن أين جاءت هذه القنابل والمتفجرات ، ألم تقدم لإسرائيل من لدن أمريكا حسب المعادلة الجائرة كما أشرت أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها أمام أطفال غزة والضفة الغربية !!

إن الرؤية الأمريكية الأخيرة التي اقترحت على قيادة الكيان الصهيوني مؤخرا كأنها تقول لهؤلاء لا تقتلوا الفلسطينيين دفعة واحدة بل على دفعات .

إن من يدعم إسرائيل تغيب عن ذهنه المعادلة التاريخية التي أثبتت أن أي دولة وأحلافها خاضوا معركة مع مقاومة شعب يدافع عن حياته وأرضه تخرج خاسرة مهزومة ، وهذه تجربة فيتنام والجزائر والصومال وتجارب عديدة في العالم لا زالت حاضرة .

بالمجمل ان الجيش الإسرائيلي كما تشير كل توقعات الخبراء والمحللين والمراقبين على مستوى العالم وحتى داخل الكيان الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يقاتل أكثر من عشرة أسابيع رغم كل الدعم الذي يتلقاه ، وهذا يعني أن قادته العسكريين والسياسيين بدأوا يفكرون كيف سيخرجون من ورطتهم في غزة .

إن رفض أمريكا إيقاف إطلاق النار الدائم مرة أخرى يشير أنها لا زالت مصرة على دعم الإجرام الإسرائيلي ، لأنها لو أرادت أن توقف هذه المحرقة لتمكنت من ذلك ، لامتلاكها مصير هذا الكيان بالكامل ، وفي نهاية القول أن من أهم ما كشفته أو أثبتته الحرب كم هو الوضع العربي الرسمي مزري وغارق في الضعف ، وأن موقفه لا يتعدى الكلام وأنه ليس باعتبار ولا بدائرة اهتمام دوائر القرار العالمي ، وأن الهوة بينه وبين شعوبه تزداد اتساعا وعمقا .

إن حرب غزة أضاءت كم هي بشعة التناقضات السياسية التي يغرق فيها العالم وكم الفرق كبير بين التنظير حول حق الشعوب في التحرر وبين الواقع البشع الذي تمارسه الإدارات السياسية في الدول التي تعتبر نفسها قيادية في العالم وحامية لحقوق الإنسان وأنها حريصة على حياته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :