facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذّكَاءُ الاصطِنَاعِيُّ في خِدْمَةِ اللُغَةِ العَرَبِيَّةِ


أ.د. قاسم الردايده
18-12-2023 10:59 AM

في كل عام وفي مثل هذا اليوم وهو الثامن عشر من كانون الأول يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية تقديرا واعتزازا بهذه اللغة العظيمة والخالدة ونظرًا لأهميتها بين لغات العالم حيث تعد واحدة من أهم اللغات ويتحدث بها ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء المعمورة. ولهذه الاهمية خصصت الأمم المتحدة يومًا عالميًا للغة العربية كغيرها من اللغات الأساسية المعترف بها دوليًا. حيث تم اعتماد اللغة العربية اللغة الرسمية السادسة في الأمم المتحدة وذلك بموجب قرار الجمعية العمومة للأمم المتحدة رقم 3190 الذي صدر بتاريخ 18 كانون اول عام 1973. وتقديرا للغة العربية بدأ الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في العام 2012. وتم اختيار 18 كانون الأول لإحياء ذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اللغة العربية لغة رسمية لها باعتبارها أحد أهم أركان التنوع الثقافي للبشرية، ولغة الحضارة العربية والإسلامية، ولغة العلوم والأدب والمعرفة.

وقد قيل في وصف اللغة العربية: "أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُرُّ كامنٌ.. فهل سألوا الغوّاصَ عن صَدَفاتي"
وقيل: "إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنًا جعل الجمال وسره في الضاد".

وفي عالم تكنولوجيا المعلومات المتسارع، تشكل اللغة العربية محورًا أساسيًا يستحق الاهتمام والتطوير. حيث تتأثر اللغات بشكل كبير بالتقنيات الحديثة، ومن بين هذه التقنيات يظهر الذكاء الاصطناعي محورا تكنولوجيا أساسيا ليقود تحولًا نوعيًا في كيفية تعاملنا مع اللغة ونصوصها وفهمنا لها حيث يرسم الذكاء الاصطناعي ملامح جديدة لمستقبل اللغة العربية واستخداماتها. فمع تطور الذكاء الاصطناعي، نجد أنفسنا أمام فرص كبيرة لتعزيز وتطوير هذه اللغة العظيمة.

الذكاء الاصطناعي هو أحد حقول علوم الحاسوب والذي يهدف الى تطوير أنظمة ذكية قادرة على أداء مهام تتطلب تفكيرًا ذكيًا مماثلًا لتلك التي يقوم بها البشر. حيث تتيح تقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي للأنظمة الذكية التعلم من البيانات والتكيف مع التغيرات في البيئة التي يعمل فيها النظام. وهنا يمكن الإشارة الى ان الخوارزمية هي مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مسألة ما. وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى العالم أبو جعفر الخوارزمي الذي كان أول من ابتكر مفهوم الحل المنطقي في القرن التاسع الميلادي.

كما أن الخوارزميّات التي تستخدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تطوّرت في آخر عقدين؛ حيث أصبح الأنظمة أكثر ذكاء وقادرة على اتّخاذ القرار من تلقاء نفسها. حيث تقود خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية التقدم الهائل في تعزيز فهم اللغة العربية.

ومع التوسع الكبير بالاهتمام بالذكاء الاصطناعي ظهر مفهوم حوسبة اللغة العربية والذي يهتم بتطوير الأنظمة والتقنيات والتطبيقات التي تمكن الأجهزة من فهم وتفسير اللغة البشرية سواء المكتوبة او المنطوقة وذلك بواسطة خوارزميات معقدة مثل خوارزميات التعلم الآلي والتعلم العميق لحل المسائل المتعلقة باللغة.

ومن خلال هذا المفهوم ظهر العديد من التطبيقات العملية التي تخدم الانسان بما في ذلك الترجمة الآلية، وبرمجيات المساعد اللغوي الذكي. فقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير نظم ترجمة آلية لتحسين فهم النصوص بين اللغات المختلفة، مما ساهم في تعزيز التواصل العابر للثقافات. ومن الأمثلة على ذلك نظام "ترجمتي" و"ترجمة غوغل" حيث قدمت هذه الأنظمة خدمات الترجمة الفورية بدقة متناهية، مما ساهم في تجاوز حواجز اللغة وتعزيز التواصل بين متحدثي اللغة العربية والعالم بأسره.
كما تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير مساعدين ذكيين (أنظمة) يستجيبون للاستفسارات ويقدمون معلومات دقيقة باللغة العربية، مما عزز توفير محتوى فعّال ومتقدم للمستخدمين الناطقين باللغة العربية.

كما يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم العديد من الفوائد والخدمات. حيث ظهر الذكاء الاصطناعي كقوة ثورية في تشكيل منظومة حوسبة ومعالجة اللغة العربية. فقد ظهر مفهوم تحليل اللغة الطبيعية والذي يعتمد على خوارزميات تستخدم لفهم وتحليل النصوص والجمل بطريقة تقوم على مجموعة من قواعد اللغة ومن خلال ما يسمى نماذج التعلم الآلي التي تقوم بتدريب الأنظمة على الفهم اللغوي باستخدام البيانات، مما يتيح لها التكيف والتحسين التدريجي.

وفي هذا المجال تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعرفة مشاعر وميول الكاتب اتجاه قضية معينة من خلال تحليل النص المكتوب باللغة العربية. هذا النص قد يكون بشكل مقال او منشور على وسائل التواصل او تعليق على منشور. حيث تستخدم الشركات والمؤسسات هذه الأدوات لقياس مستوى المشاعر العامة للمستخدمين، لتعزيز عمليات اتخاذ القرارات وفاعلية التفاعل مع العملاء.

ومن التطبيقات الشائعة للذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية تصنيف النصوص العربية من خلال استخدام خوارزميات التصنيف اللغوي والتي تُستخدم لتصنيف النصوص وتحديد معانيها، مما يمكن من تصنيف المحتوى بشكل أكثر دقة. حيث تلعب الخوارزميات دوراً حيوياً في تحقيق فهم دقيق للغة العربية.

لا شك ان استخدامات الذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية تواجه تحديات متنوعة، منها التحديات التقنية المتعلقة بتعقيدات اللغة العربية وتنوعها اللغوي حيث يعتبر تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي القادرة على فهم السياق والتعبيرات اللغوية بشكل دقيق تحديًا رئيسيًا. مع ذلك، تعد الآفاق المستقبلية واعدة، حيث يمكن للتطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي أن يسهم في تجاوز تلك التحديات. من خلال تحسين أداء النظم اللغوية الذكية وتعزيز فهمها للسياق الثقافي العربي. كما يمكن أن تصبح التطبيقات والأنظمة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي أدوات فعّالة في تحسين تفاعل المستخدمين مع اللغة العربية وتعزيز تجربتهم اللغوية.

ولا شك أن حوسبة اللغة العربية أصبح مجال عمل بحثي وأكاديمي قائم بذاته في بعض الجامعات العربية ومراكز الأبحاث العامة والخاصة، وهناك العديد من الاستخدامات والتطبيقات للذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية. وجامعة اليرموك ليست بعيدة عن هذا الموضوع فهناك مجموعة من الباحثين أعضاء هيئة التدريس كانوا من السباقين في خوض مجال حوسبة اللغة العربية وتطبيقاتها واستخدامات الذكاء الاصطناعي وهناك فرق بحثية مهتمة بهذا الموضوع في كلية تكنولوجيا المعلومات وقد انجزوا العديد من البحوث الرصينة والتي نشرت في مجلات علمية عالمية كما حصل بعضهم على جوائز عالمية لإنتاجهم بحوث وتطبيقات في هذا المجال. وسنفرد مقالا خاصا لاحقا لتقديم المزيد من المعلومات حول هذا الجهد.

وهنا ندعو الى تضافر جهود الفرق البحثية العاملة في مجال حوسبة اللغة العربية في الجامعات والمراكز البحثية في العالم العربي وتوحيدها من اجل النهوض باللغة العربية وحوسبتها وإنتاج تطبيقات تساعد في خدمة الانسان.

في ختام هذا المقال حيث خضنا في عالم اللغة العربية والذكاء الاصطناعي، ندرك أن هذا التلاقي بين التراث اللغوي وأحدث التكنولوجيا يمثل نقطة مهمة في تطوير اللغة والحفاظ على هويتها. إن الذكاء الاصطناعي، بكل قوته التقنية والتحليلية، يعد رفيقًا مثاليًا للغة العربية، كما انه يفتح آفاقًا جديدة للتعلم والتفاعل من خلال تحسين فهمنا للنصوص اللغوية، وتيسير الترجمة والتفاعل اللغوي. كم يساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز اللغة العربية وتطويرها لتلبية تحديات العصر. حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون الشريك المثالي للغة العربية في رحلتها نحو التطور والازدهار.

*عميد كلية تكنولوجيا المعلومات/جامعة اليرموك





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :