شرط بوتين الأخير لإنهاء الحرب
د.حسام العتوم
18-12-2023 09:20 AM
اطلالة جديدة الخميس 14/ 12/2023 لرئيس روسيا الإتحادية فلاديمير "فلاديميروفيج" بوتين على شعوب بلاده الواسعة مساحة، بل الأوسع في العالم، حيث تبلغ أكثر من 18 مليون كليو متر مربع، وتصنف بالفوق نووية عسكريا، والمعروفة بتفوقها العسكري التقليدي، وهو لقاء سنوي من وسط قصر "الكرملين الرئاسي" في موسكو العاصمة، عقد في الساعة الثانية عشرة ظهرا ولمدة أربع ساعات، وتضمن 67 سؤالا وجه لشخصه، وهو يتصدر الدعوة لعالم متعدد الأقطاب، وسبق أن أعلن حديثا عن رغبته بالترشح لولاية رئاسية رابعة بمقتضى الدستور الروسي الذي يسمح بالترشح لولايتين رئاسيتن ثم ترك ولاية ثم العودة للترشح من جديد ان رغب بذلك ورغبت شعوبه به البالغة من حيث التعداد حوالي مائة وخمسون مليون نسمة. ويترشح الرئيس بوتين مستقلا وبدعم مطلق من حزب روسيا الحاكم في المقابل. ومن بين ما سمعته لأول مرة هو رغبته بأن يكون طيارا ثم اتجه للإستخبارات والسياسة، وأن المفاجيء لسيادته هو ثقته بالغرب التي يصعب أن تعود كما كانت.
والأهم في اللقاء هو تحديد الرئيس بوتين لشروط إنهاء الحرب الأوكرانية، والتي هي في واقع الحال عملية روسية عسكرية خاصة إستباقية دفاعية تحريرية مع أوكرانيا "كييف" والناتو بالوكالة منذ تاريخ 24/ شباط / 2022 . ويقر بوتين بأن أوكرانيا "كييف" هي من بدأت الحرب وليس روسيا عبر العبث مبكرا بالإنتخابات الرئاسية الأوكرانية لمنع أخر رئيس أوكراني موالي لروسيا فيكتور يونوكوفيج من الفوز وكانت أمريكا على خط الأزمة. ورغم حالة الإستقرار بين روسيا وأوكرانيا الا أن انقلابا حصل في "كييف" عام 2014 قلب المعادلة . ولقد ركز بوتين في لقائه هذا على أهمية استئصال التطرف ونزع سلاح أوكرانيا وحيادها كشرط أساسي موحد لإنهاء الحرب. والمقصود بالتطرف عند الرئيس بوتين هو صعود التيار البنديري المتطرف في أوكرانيا الى السلطة في كييف، القادمة جذوره من عمق الحقبة الهتلرية في الحرب العالمية الثانية، وهو التيار المناهض لروسيا والمحرض لنظام " كييف" للتوجه للغرب ولحلف "الناتو" المعادي لروسيا . ولقد اكتشفت روسيا مبكرا توجه " كييف" لصنع قنبلة نووية وأخرى منخفضة القوة قذرة، والسماح لأمريكا هانتر – بايدن بنشر أكثر من 30 مركزا بيولوجيا ذات علاقة بكورونا المصنعة الضارة بالديمغرافيا السلافية والسوفيتية السابقة والروسية تحديدا .
وطورت "كييف" عملها السلبي الضار ضد روسيا وبالتعاون مع الغرب عبر الحاق الضرر بخط الغاز نورد ستريم 2 ، وبجسر القرم ، والتطاول على حياة الصحفيين الروس والأجانب واغتيالهم ، وقصف المناطق الروسية الحدودية ، وتسيير المسيّرات غربية الصنع لتصل الى العاصمة موسكو . وفي المقابل استخدمت روسيا المسيّرات نعم ، ولكن في الأغراض العسكرية الدفاعية والهجومية ، ولم تستهدف المدنيين الأوكران ولا البنية التحتية الأوكرانية ، ووجهت استهدافها صوب المناطق العسكرية الأوكرانية الغربية المهاجمة لروسيا فقط . وعملت روسيا على تدمير السلاح الغربي القادم للعاصمة " كييف " في غضون الحرب ، وهو حق لها ، ورد مباشر على تزويد الغرب غير الشرعي لكييف بالسلاح والمال الذي تجاوز حجمه مئتين وخمسين مليار دولار ، ولازال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يجوب الغرب والكونغرس الأمريكي للحصول لحربه السرابية على مزيد من المال الأسود، ومنه لمصلحته الشخصية ، والمعروف لنا بأنه يشتري بيوتا لعائلته في "تل أبيب" بحكم اصوله اليهودية . ورغب بزيارة إسرائيل لإسناد حربها النازية على قطاع غزة المكلوم، ونعرف بأن إسرائيل تساند فلاديمير زيلينسكي ضد روسيا بوتين، وتسببت في حربها الأخيرة 2023 بجريمة حرب كبرى قارب تعداد شهداء فلسطين فيها عشرون الفا معظمهم من الأطفال، وعن سبق اصرار هدفه اجتثاث الديمغرافيا الفلسطينية في غزة بعد فشل تهجيرها القسري الى دول الجوار مثل مصر والأردن ، وهو الذي يمثل خطا أحمرا وحالة حرب.
والحياد الأوكراني، وعدم الإقتراب من حلف "الناتو" المعادي لروسيا ، مطلب روسي استراتيجي، وفي التاريخ المعاصر وتحديدا عام 1979 فإن الإتحاد السوفيتي بقيادة روسيا لم يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالهبوط في أفغانستان وسط هيجان الحرب الباردة ، وتحرش (الناتو) استمر يماحك روسيا من كافة حدودها البرية والمائية ، من جهة اليابان ، والحدود الشرقية ، ووسط البحرين الأسود والأبيض المتوسط . ونظام " كييف " الذي رفض الحوار مع موسكو علنا وجربه ذات الوقت ، وفكك اتفاقية "مينسك " الضامنة لأمن أوكرانيا، ولحسن علاقة الجوار مع روسيا الإتحادية ، وبينها والغرب الأمريكي ، هو الذي شن حربا شعبية مع شرق أوكرانيا استمرت ثماني سنوات راح ضحيتها أكثر من 15 الفا من الأوكران والروس وتشريد غيرهم، وهو غير محظوظ في مقارعة موسكو وبالتعاون مع الغرب ، وهي التي تمثل قطب ودولة عظمى. وحرب الإستنزاف الأوكرانية والغربية ضد روسيا وعبر التحرش بالصين الشعبية أيضا انقلبت لتصبح استنزافية ضد "كييف " وعواصم الغرب بما في ذلك العاصمة واشنطن " ماديا ومعنويا ونفسيا واعلاميا .
النصر الروسي في الحرب الأوكرانية ومع "الناتو" بالوكالة واضح ، وسبق لروسيا -بوتين عام 2000 أن عرضت على أمريكا دخول "الناتو" للجم الحرب الباردة وسباق التسلح لصالح روسيا والغرب معا ، لكن هيهات ، فلقد جهز الغرب نفسه ، وخاصة أمريكا لمثل هكذا حرب بالوكالة . ومن المستحيل على " كييف " وعواصم الغرب تحقيق نصر على روسيا عبر ضخ السلاح والمال الأسود ، وروسيا دولة عملاقة وتمتلك مصادر طبيعية غنية ، ومصانعا ضخمة للسلاح ، وتجاربها في حروب التاريخ المعاصر في الحربين العالمية الأولى والثانية ، وفي مواجهة نابليون وأدولف هتلر كبيرة ، وكانت منتصرة دائما ، ولا تقبل حتى الساعة بأقل من النصر . وما تملكه روسيا من سلاح نوعي عملاق يفوق ما يملكه الغرب بكل تأكيد ، وما صورايخ سارمات حاملة الرؤوس النووية ، والبوارج العسكرية الحديثة التي زارها بوتين حديثا، وصواريخ اس 500 ، وما تملكه من صواريخ نووية ثقيلة الا مجرد مثال على ما تملكه في الخفاء . وهو الذي يزعج الغرب الأمريكي مجتمعا الذي يتباهى بتفوقه أيضا .
وفي المقابل ، فإن موقف روسيا من حرب غزة يدين جريمة الإبادة البشرية الإسرائيلية ، وشبه الرئيس بوتين حصار غزة بحصار ليننغراد ، وطالب عبر بلاده روسيا العظمى وقف القتال الدائر في غزة فورا لإسباب انسانية ، واستضافت روسيا حماس والجهاد وايران ، وهو الأمر الذي لم تفهمه إسرائيل واشتاطت غضبا . وقابل ذلك موقف أمريكي أوروبي سلبي لازال يطالب بإستمرار حرب غزة رقم سقوط الشهداء ، والهدف بعيد المدى تصفية القضية الفلسطينية بدلا من ايجاد حلول جذرية ناجعة لها تضفي الى سلام عادل وتنمية شاملة.