«باب المندب» .. و«الحرب على غزة»!
عوني الداوود
18-12-2023 12:15 AM
من أهم الأحداث التي غيّرت في سيناريوهات حرب العدوان على غزة التي بدأت منذ 7 اكتوبر/ تشرين الاول الماضي، اطلاق اليمن سلسلة من الطائرات بدون طيّار الهجومية وصواريخ كروز بعيدة المدى بتاريخ 19 اكتوبر 2023، قالت الاخبار إنها كانت متجهة الى اسرائيل، لكن تم اعتراضها من مدمرة صواريخ امريكية في البحر الاحمر.
بعد شهر وتحديدا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني تم احتجاز السفينة «غالاكسي ليدر» من قبل الحوثيين، لتتوالى بعد ذلك عمليات اعتراض وحجز السفن الاسرائيلية أو المتجهة لاسرائيل، ومواصلة اطلاق «المسيّرات»من اليمن..نصرة للمقاومة في غزة وفلسطين - بحسب البيانات الصادرة عن الحوثيين-الأمر الذي جعل من (باب المندب) مركزا، وجبهة قتال في مواجهة حرب العدوان على غزة.
يوم أمس أيضا أعلن رئيس قناة السويس أن (55) سفينة تمت اعادة توجيهها عبر «رأس الرجاء الصالح» منذ 19 نوفمبر الماضي..وكل هذه الأمور باتت تحدث فرقا على الارض نظرا لأهمية (باب المندب) الاستراتيجية، والذي بات يشكل سلاحا مستخدما في الحرب، ضد العدوان على غزة، نظرا للاهمية الجيوسياسية لهذا المضيق نذكر منها ما يلي:
1 - مضيق باب المندب، ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط.
2 - يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في إفريقيا، ويتوسط القارات الخمس.
3 - زادت أهمية باب المندب منذ افتتاح قناة السويس عام 1869حيث صار يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وبات واحدا من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وبين دول المحيط الهندي وشرق إفريقيا.
4 - المسافة بين ضفتي المضيق هي(30) كيلو متراً (20 ميلا) من رأس منهالي في الجانب الآسيوي إلى رأس سيان في الجانب الإفريقي.
5 -جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن، تفصل المضيق إلى قناتين الشرقية منها تعرف باسم باب إسكندر عرضها 3 كم وعمقها 30م، أما القناة الغربية واسمها «دقة المايون» فعرضها 25 كم وبعمق يصل إلى 310 م. مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الاتجاهين.
6 -(21) ألف سفينة سنوياً تمر عبر مضيق باب المندب (بمعدل 57 قطعة بحرية يوميا) أي ما يعادل (10%) من الشحنات والبضائع البحرية العالمية.
7 - تقدّر قيمة ما يتم شحنه عبر المضيق سنويا بنحو (700) مليار دولار أمريكي من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط.
8 - يمر عبر المضيق يومياً (3.3) مليون برميل نفط، وتمثل (4%) من الطلب العالمي على النفط.
9 - لليمن أفضلية إستراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكه (جزيرة بريم)، إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله، لأهميته العالمية في التجارة والنقل(9 قواعد في جيبوتي لـ6 دول/ 5 قواعد في الصومال / قاعدتان في اريتيريا).
10 -(98 %) من البضائع والسفن الداخلة التي تمر عبر السويس تمر من خلال المضيق.
- باختصار فان مضيق «باب المندب» يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز (من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً).. ولذلك فان إصرار العدوان الصهيوني على المضي قدما في عدوانه على غزة العزّة، بما يؤدي لتوسيع رقعة الحرب اقليميا، سيهدد أمن واستقرار واقتصاد المنطقة والعالم برمته، و»باب المندب « مثال ملموس، حيث أعلنت كثير من شركات الملاحة في العالم تغيير مساراتها الى «رأس الرجاء الصالح»، وهذا ان استمر فان من شأنه أن يتسبب في:
-ارتفاع أسعار التأمين وكلف الشحن.
-تعطل سلاسل التوريد.
-مدة أطول لوصول الشحنات وكلفة أكبر.
-زيادة الأسعار على المستهلك (عالميا) وزيادة التضخم العالمي.
-قد يؤدي لارتفاع أسعار النفط.
-أضف الى كل ذلك فان طول أمد الحرب وتوسع رقعتها سيرفع من وتيرة التوتر في المنطقة وفي «مناطق ضاغطة» سياسيا واقتصاديا على اسرائيل والاقليم والعالم.. وفي مقدمة تلك «المناطق الضاغطة « باب المندب ذي الأهمية الجيوسياسية البالغة، وعلى اسرائيل أن توقف قتل الأطفال والنساء والأبرياء..وتدرك أنها لن تحقق نصرا، بل مزيدا من الهزائم، وارتفاعا بفاتورة خسائرها كلّما تمادت في عدوانها، وعلى المجتمع الدولي أن يدافع عن مصالحه -ليس بتشكيل تحالفات لحماية الملاحة في البحر الأحمر- بل بالضغط على المتسبب بكل ذلك وهي اسرائيل من أجل وقف فوري للحرب على غزة وايصال المساعدات الانسانية، ومنع كل مخططات التهجير والاستيطان.
"الدستور"