في ظل ما تشهده الساحة المحلية من احاديث مختلفة في الشأن العام، غالبا ما كانت تدور حول الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي والاسعار ومعيشة المواطن والقوانين والتشريعات الناظمة للعمل السياسي والحزبي كقانون الانتخاب والاحزاب والاجتماعات العامة، والحريات والحوار الوطني، وغيرها من الموضوعات التي فرضت نفسها على المشهد الوطني. ذكر رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت في احدى تصريحاته المتعلقة بمسألة الاسعار بان سياسة السوق الحر ليست قدرا اردنيا تجعلنا لا نتحرر من تبعاتها وتداعياتها المختلفة على المواطنين. مؤكداً في الوقت نفسه على اهمية تطبيق سياسة السوق الحر المنضبط الذي تحكمه ضوابط ومعايير منطقية ومشروعة، تراعي معيشة المواطن ومصالحه بصورة تضمن له حياة معيشية كريمة، بعيدا عن فوضى الاسعار وانفلاتها بالصورة التي ظهرت وما تزال تظهر عليها في اسواقنا، وكأن الاسعار لا تعرف الا وجهة واحدة هي وجهة الرفع. وبتنا نلحظ اننا امام ما يشبه ظاهرة او موضة رفع الاسعار كلما شممنا رائحة تعديلات او تغييرات في اسعار بعض السلع والخدمات عالميا.
واللافت في الامر اننا ورغم تطبيقنا لفلسفة اقتصاد السوق، الا ان الامور تجنح نحو الاحتكار وما يرافقه من ارتفاع في الاسعار، وليس الى المنافسة وما يتوقع ان ينتج عنها من تخفيض في هذه الاسعار. اذ اننا لا نستطيع ان نفسر وجود اكثر من عشرين مصنع البان مثلا تتفق جميعها على توحيد اسعار مشتقات الالبان بشكل خيالي، مع اننا نعيش اجواء يفترض ان تتحدد فيها هذه الاسعار وفقا لاليات العرض والطلب في السوق. ما يؤكد على وجود ثغرات واختراقات في المنظومة السعرية في اسواقنا بشكل عام تتطلب تدخل الجهات الرسمية المعنية وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة لحماية المستهلك من هذه المزاجية التي تتحكم بقوته وبصورة اخذت تهدد امنه الغذائي. الامر الذي بدأنا نلمسه ونشعر بوجوده عبر اتخاذ هذه الوزارة جملة من الاجراءات لتعزيز الرقابة على السوق وضبط الاسعار من اجل حماية المستهلك. وتمثلت هذه الاجراءات بسحب مشروع قانون معدل للاستثمار ومشروع قانون معدل لحماية المستهلك من ديوان التشريع، لعقد مشاورات ونقاشات مع اطراف المعادلة ( السعرية والسلعية ) كالجمعية الوطنية لحماية المستهلك والفعاليات الاقتصادية المختلفة من تجار ورجال اعمال واقتصاديين وغيرهم.
اضف الى ذلك ان وزارة الصناعة قامت بتحديد سقف لاسعار بعض السلع الاساسية كالسكر والارز، بحيث يكون التنافس بين التجار تحت هذا السقف، ويتوقع ان يسهم هذا الاجراء الى تخفيض اسعار هذه السلع. ما يعني ان الوزارة بدأت بالفعل بتفعيل نص الفقرة ( أ ) من المادة (7) من قانون الصناعة والتجارة التي تخول الوزارة الحق بتحديد اسعار السلع التي ترى بانها اساسية. من هنا يمكن فهم ما ذهب اليه رئيس الوزراء الدكتور البخيت عندما تحدث عن اهمية ان يكون السوق الحر منضبطا ، وبشكل يضمن نتائج ايجابية على الاسعار من خلال تخفيضها الى مستويات مقبولة تكون في متناول الجميع، بعيدا عن الجشع الكفيل بزيادة الاعباء المعيشية على المواطن، وذلك عندما قررنا ترك السوق بدون كوابح او ضوابط منطقية وعملية.
(الرأي)