ثقة مريحة جدا حصلت عليها حكومة الدكتور معروف البخيت وهي بالمناسبة اكثر راحة مما لو حصل على 111 صوتا، فالورطة هنا تتصل في كيفية سداد المديونية المعنوية التي يخلفها الاسراف في منح الثقة، فالحكومة الآن ليست تحت ضغط المجاملات مع النواب وتمرير ما يرغبون من مصالح خدمية للقواعد الانتخابية.
سألت ثلاثة نواب بعد الاسراف في منح الثقة للحكومة السابقة عن سبب الاسراف، فكانت الاجابة ان لدينا وناخبينا مصالح لا يمكن تنفيذها ما لم نسلف للحكومة موقفا، غير ان الحكومة السابقة ذهبت ولم تنقذها الأصوات الـ111، فهل تبدلت المصالح الانتخابية لمن منحوا ثم حجبوا في اقل من 50 يوما ام ان الحكومة السابقة اصلاحية أكثر من الحكومة الحالية؟
الاسراف في منح الثقة للحكومة السابقة أرسل رسالة غير ايجابية عن البرلمان، كما ان البخل في منح الثقة للحكومة الحالية قد أرسل نفس الرسالة وان بخط اكثر وضوحا، فالاغداق قد جلب انطباعات سلبية كما جلب الشح نفس الانطباعات وفي النهاية لم تتغير صورة المجلس - للأسف-في اعين الناس.
الان يستطيع الرئيس البخيت ان يشتغل على برنامجه الاصلاحي دون الالتفات الى الاعاقة التي قد يفرزها طيف واسع من النواب فمن حجب ثقته سلفا ليس بموقع من يستشار في شأن حكومي الا ما اتصل في صلب عمل المجلس من رقابة وتشريع.
لقد حدثت حالة من الدلال المتبادل بين السلطتين في الشهر الاول من عمر المجلس بما يطبق مقولة الشاعر بشارة الخوري: «لو مر سيف بيننا لم نكن... نعلم هل أجري دمي أم دمك»، غير ان هذا السيف الذي سبق العذل في التعاطي النيابي مع حكومة البخيت اوغر صدر الرأي العام على المجلس مرة اخرى فالشراكة لا تعني التبجيل من جهة ولا الاستقواء من الجهة المقابلة بل الندية القائمة على فهم مشترك للصالح العام.
انا كمواطن اردني اثق ثقة عالية بالحكومة فريقا ورئيسا وهذه الثقة لا تمنعني من انتقاد التباطؤ او اطالة امد الحوار الوطني ضمن السياق الذي شرحه الرئيس لي وربما لغيري فالسجال الآن ليس برلمانيا حكوميا بل بين الحكومة والقوى الفاعلة في المشهد السياسي.
ليست لدي ادنى خشية على علاقة الحكومة بمجلس النواب فالحسن او التردي ليس هو مكمن الخطر على الحكومة بل ان هناك عدوا واحدا أخشى على الحكومة منه وهو الوقت فالحكومة قد تنجح او تخسر تبعا لفهمها لأهمية عامل الوقت في التحرك الاصلاحي، وهي لا تنتظر من المجلس النيابي اسعافا في هذا المضمار.
لو قيض لي ان انتخب من بين الـ120 الموجودين تحت القبة لاخترت القلة. انني اثق بتمثيل ما لا يقل عن 5 وزراء في هذه حكومة لو قيض لي ان اختار نائبا من بينهم، والصفة التمثيلية للفرد ليست مناطة بمن اتوا عبر صناديق اقتراع لا ينفذ منها الضوء.
sami@ammampost.net
(الرأي)