دروس من غزة .. نعيش نحن وأموت أنا (2)
د. نبيل الكوفحي
17-12-2023 09:46 AM
القاسم المشترك بين المشاهد التي لا تحصى من حالات الانقاض والاسعاف والايواء هو الايثار، رأيناه في اللقمة يتقاسمونها، وشاهدناه في منظر الطفلة تخاطب المنقذين: اخرجو امي واخواني اولا من تحت الانقاض.
تتجسد في معظم أهل غزة؛ رجالها ونساءها، مقاوميها وموطنيها، كبارها وأطفالها الحالة الموصوفة بقوله تعالى ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). ان غلبة تفكير وسلوك " نحن" الجماعة والوطن والاقارب والجيران سبب رئيس للصمود - بعد الايمان بالله- وان انحسار تفكير وسلوك " الأنا" عزز مبادرات النخوة والاقدام؛ فكم من طبيب ارتقى شهيدا وهو يسعى لاسعاف جريح، وكم من رجل تم اعتقاله وهو يسعى لحماية ضعاف الناس من نساء وأطفال.
اذا كانت خليفتنا العقدية والتاريخية كمسلمين لا نستغرب كثيرا هذا السلوك اذ نجد الايات والاحاديث الموجة لهذا السلوك، كما نجد الكثير من الشواهد في ايام الصحابة والتابعين. لكن عند غير المسلمين، فان هذه الحالة الجمعية عند أهل غزة قد نالت اعجاب الكثيرين في العالم من اصحاب الضمائر الحية، كما جعلت بعضهم يبحثون في الاسباب وراء ذلك؛ فأقبل بعضهم لقراءة القران، فكانوا سببا لدخول الاسلام.
كم نحن بحاجة ان نتخلق بهذه الخصلة في تعاملاتنا خاصة المالية منها، كما نحن بحاجة لان نربي ابناءنا على الايثار كما بقية الأخلاق الاسلامية الاخرى.
يقول تعالى واصفًا المؤمنين ( وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَ الْاءِيمَـنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»
والى درس اخر ان شاء الله.