رحل الشيخ سمو الأمير نواف الاحمد الصباح، الأمير الذي أحبَ بلده وشعبه فبادلوه حباً بحب، الأمير الاكثر إنسانية وتسامحا، القائد الذي ترجم هذا التسامح بعدة مراسيم عفو والتي كانت تمثل الوجه البارز لفترة توليه الحكم.
قائد ممن قال فيهم رسول الله {سبعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، إِمامٌ عَادِلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبادَةِ اللهِ، ورجلٌ قلبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمسجدِ }.
أجل فلقد كنت إماماً وقائداً عادلاً، نشأت في رحاب الإيمان بعمق معناه حتى تعلق قلبك بكتاب الله الذي كنت تتلوه في المساجد جنباً الى جنب مع ابناء شعبك بكل تواضع وقمة في العطاء، لله درك من قائد وهب جُلَ حياته لبلده وشعبه.
نرثيك لأنك كنت قائداً استثنائياً بكل المقاييس، نرثيك لاننا احببناك قائداً عروبياً ظل حتى آخر أيامه وفياً لقضايا أمته، تاركاً وراءه إرثاً من محبة شعبه واحترام وتقدير شعوب وقادة كُثر.
رحل أمير الإنسانية في احلك الظروف التي تمر بها أمتنا العربية التي اتعبتها وانهكتها الحروب، رحل من أرسى أولويات وثوابت كويتية جوهرية تجاه القضية الفلسطينية، فأعلن رفضه للانتهاكات التي يمارسها الاحتلال والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، وابدى في كل المناسبات عدم القبول بازدواجية المعايير التي تُمارس من قبل المجتمع الدولي معلناً ومجدداً لللنداء بضرورة تغليب العقل والحكمة والوقف الفوري للعمليات العسكرية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الاعزل، ودأب على مواصلة تقديم وتوفير المساعدات الإغاثية العاجلةللاهل في فلسطين وقطاع غزة.
محذراً من النهج الذي تسلكه اسرائيل في إتباع سياسة التهجير القسري، مؤكداً وبشكل حازم على السعي باتجاه الحل العادل وفق القرارات الدولية والمبادرة العربية لدعم الشعب الفلسطيني لنيل كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها «القدس الشرقية».
لا يسعفني قلمي لاستذكار مناقبك وعظيم صفاتك، ولكنه يوم حزين، فلا نكاد نلتقط أنفاسنا ونحن نتابع مشاهد الألم والفقد للأهل في غزة، حتى يأتينا خبر رحيل قائد عظيم حمل القضية الفلسطينية في قلبه ووجدانه.
ولا اجد كلمات تعبر عما يجول في خاطري من مشاعر لأرثيك بها، في ظل الظروف التي نعيشها على إمتداد الوطن العربي المثقل بالاحزان والقهر اكثر وأبلغ من أبيات الشعر التي قالها المتنبي: « أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ» اي بمعنى: لقد أحاط بي ألم لم أعرفه من قبل إن جاء وقت شفائه من الله فقد آن ذلك له.
رحمك الله أيها الأمير الشيخ الجليل، نعزي انفسنا ونعزي الأشقاء في دولة الكويت برحيل أميرهم الشيخ نواف الاحمد الصباح ونقول قلوبنا معكم.
"الدستور"