شريك في حرب الإبادة .. حكمه بأثر رجعي
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
16-12-2023 09:40 AM
أخيراً انقلب الرئيس الأمريكي بايدن على شريكه في الحرب على غزة رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، وحمله مسؤولية بداية فقدان تأييد المجتمع الدولي للكيان نتيجة القصف العشوائي الذي أودى بحياة آلاف من المدنيين الفلسطينيين على حد تعبيره.
إستدارة انتخابية للرئيس الأمريكي بايدن وتبادل أدوار لم تكن بحجم جرائم الحرب والمجازر الوحشية التي أُرتكبت في غزة ضد الفلسطينيين الأبرياء ، تحتاج إلى وقف فوري ومحاسبة المسؤولين عنها.
عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين الذين ما زالوا تحت الركام، مليوني نازح فلسطيني داخل القطاع، دمار هائل للمساكن والبنى التحتية، قتل، تشريد، جوع، عطش، لم تؤثر قيد أُنملة في تأييد فخامة الرئيس للحملة العسكرية الصهيونية على غزة، ولم يرف له جفن، ولكن عندما شعر أن كرسي الرئاسة مهدد بسبب موقفه الداعم للحرب بحسب آخر استطلاعات الرأي التي أظهرت تفوق الرئيس السابق ترامب ، ضحى بشريكه "نتنياهو" وحمله مسؤولية ما آلت إليه الأمور.
لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك أساسي وفاعل في إدارة الحرب الهمجية على غزة ، والإدارة الأمريكية في واشنطن مركز صناعة الفعل ورد الفعل في كل ما يجري للشعب الفلسطيني من إبادة جماعية داخل قطاع غزة والضفة الغربية ، ولولا الدعم العسكري والإقتصادي والسياسي غير المحدود لما تمادى الكيان المحتل في غطرسته .
الإدارة الأمريكية ممثلة بشخص الرئيس بايدن " الصهيوني " ، ووزير الخارجية بلينكن " اليهودي " ، ومجلس الأمن القومي ، و البنتاغون ، وكافة مؤسسات الدولة الأمريكية التي ترتبط بتحالف إستراتيجي " عائلي " مع الكيان الصهيوني ، يتسابقون في تقديم كافة أشكال الدعم والإسناد بلا حدود للكيان المحتل الغاصب في حربه الظالمة على قطاع غزة والضفة الغربية ، في ظل عجز وهوان عربي لم يسبق له مثيل في العصر الحديث ، وقد وصل الأمر من بعض الأنظمة العربية إلى حد إدانة حركة المقاومة الإسلامية " حماس " ووصف مقاومتها الإحتلال بالعمل الإرهابي .
منذ اللحظة الأولى لاِنكشاف الهزيمة الإستراتيجية التي مني بها الكيان الصهيوني الغاصب يوم السابع من أكتوبر على يد مجاهدي حركة المقاومة الإسلامية " حماس " ، بفعل عنصر المباغتة والتخطيط المحكم ، سارعت أمريكا والدول الإستعمارية الغربية إلى تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي والسياسي والعسكري ، لمساعدة الكيان على إستيعاب الصدمة ، وتجاوز ما حل به من هزيمة وإنكسار ، حيث أصبحت تل أبيب محج لزيارات التضامن على مستوى رؤساء هذه الدول وما دون ، بهدف إظهار الدعم والتأييد لأي خطوات عسكرية قادمة تقوم بها سلطات الإحتلال ضد حركات المقاومة الفلسطينية ، وأيضاً التلويح " بالويل والثبور " لكل من يجرؤ على الوقوف بجانب المقاومة من دول شقيقة أو صديقه .
الرئيس الأمريكي بايدن إعتبر ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر ضربة استباقية لإجهاض جهوده الرامية إلى عقد معاهدات سلام وتطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية ، و بمثابة استهداف شخصي له يساهم في إضعاف فرص فوزه بولاية ثانيه .
ولأن الإدارة الأمريكية بكافة أجهزتها صاحبة نفوذ قوي في الشرق الأوسط ، وبيدها خاتم الطاعة لبعض حكام المنطقة والبعض الآخر تتعاطى معه بمنطق العصا والجزرة ، سعت منذ اليوم الأول إلى ضبط إيقاع ردود الأفعال المحيطة سياسياً وعسكرياً ، من خلال خفض التصعيد وتهدئة بؤر التوتر المحتملة ، والعمل على تبريد باقي الجبهات ولو مرحلياً بحجة الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع توسع نطاق الحرب ، بما يضمن بقاء اليد العليا في العمل العسكري و " اجتثاث " المقاومة الفلسطينية كما تزعم بيد الكيان المحتل .
ومن أجل التغطية على حرب الإبادة الجماعية والمجازر الهمجية التي يقوم بها جيش الإحتلال الصهيوني في قطاع غزة " بأسلحة أمريكية " ، وبهدف تمكينه من إنجاز مهامه في القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية ، وتهجير ما تبقى من الشعب الفلسطيني من وطنهم فلسطين ، أرسلت واشنطن حاملتي طائرات ، وعشرات من السفن المساندة والبوارج الحربية ، وآلاف من جنود النخبة والمارينز ، ولغاية الإسناد اللوجستي أقامت جسر جوي لنقل معدات عسكرية وعتاد حربي بهدف تعويض خسائر الكيان أثناء الحرب وضمان تفوق قواته .
وإمعاناً في المغالاة بتأييد كل ما يقوم به هذا الكيان الغاصب من كذب وخداع وتزييف للحقائق وأعمال إجرامية ، قامت الإدارة الأمريكية ممثلة بشخص الرئيس وطاقمة المساعد بتبني مزاعم وأكاذيب الحكومة الصهيونية ، والترويج لها على إعتبار أنها حقائق بدءاً من إدعائها بقيام مقاتلي المقاومة بقطع رؤوس الأطفال ، قبل أن تتراجع عنه لاحقاً بعد انكشاف " فبركة " الفيديوهات ، مروراً بالترويج لإستخدام حركة حماس مستشفى الشفاء الطبي لأغراض عسكرية " مركز قيادة وتحكم " ولم تستطع حكومة الإحتلال إثبات ذلك بعد سيطرتها عليه ، وآخرها إدعاءات التحرش الجنسي والاغتصاب الزائفة .
الإعلام الرسمي الأمريكي المرتبط بالبيت الأبيض ، والإعلام الممول من الحركة الصهيونية و اللوبي اليهودي في جميع أنحاء العالم ، يهدف إلى شيطنة حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية ، وحرف بوصلة مسارها النضالي ضد الإحتلال الصهيوني لدى الرأي العام العالمي ، واعتبارها منظمات إرهابية ، وفي المقابل تصوير الإحتلال الصهيوني النازي كضحية للإرهاب .
تقمص شخصية الواعظ الحصيف الرزين الحريص على مستقبل الكيان الغاصب المحتل من خسارة تأييد المجتمع الدولي لحملته الإجرامية ضد أهالي غزه ، لا يعفي الرئيس الأمريكي جو بايدن من المسؤولية تجاه الجرائم الوحشية التي ارتكبها جيش الإحتلال الصهيوني ، وما زال دم أهل غزة والضفة الغربية يُراق .
رحم الله شهداء فلسطين .
حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار . وعلى أرضه ما يستحق الحياة .