facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحرب على غزة وفشل ادعاءات النظرية الليبرالية العالمية


عواد بشارة السويلميين/
15-12-2023 10:19 PM

تكشف الأزمات والنزاعات الدولية وغير الدولية دائماً عن حقائق وردود أفعال تؤكد مصداقية أو ازدواجية المعايير في تقييم دوافع النزاع ونتائجه، وقد جاءت الحرب على غزة ضمن سياق دولي تتزايد درجة التعقيد فيه لمستويات قياسية لم يشهدها النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، فقد أنقسم العالم إلى قسمين في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن الحرب على غزة كشفت وستكشف عن حقائق جديدة، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية، حيث تعتبر غزة واحدة من أكثر المناطق التي تعرضت للقصف العنيف في التاريخ، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، ودعوني أسأل لو كانت غير دولة إسرائيل هي من ترتكب جرائم الحرب في غزة هل سيفشل الغرب وأمريكا في ردعها.

إن المواقف الأمريكية والغربية أدت إلى اتساع الفجوة بين الغرب وبقية العالم, حيث يميل المسؤولون في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية إلى إخراج الصراع من سياقه الواقعي وإضفاء طابع تاريخي عليه، ويتنافسون على من يدعم إسرائيل بقوة أكبر، ويدعون إلى إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل، إن القضية لا تتعلق بالدعم الغربي القوي لإسرائيل، وهو أمر ليس سراً، بل بالموقف الأحادي الجانب الذي اتخذها زعماء الغرب والتي يقوم على تبني وجهة نظر إسرائيل في الحرب.

وتؤكد مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تصور مفاده أنهما يسعيان إلى تحقيق طموحات الهيمنة التي تعتمد في الأساس على القوة العسكرية، وليس على الدبلوماسية والحل السلمي للصراعات في النزاعات التي ترتبط بمصالحهم العالمية.

ولقد أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى انهيار أي أوهام متبقية حول قدسية النظام العالمي الليبرالي، فالفرضية الأساسية للنظام العالمي الليبرالي تتلخص في حماية الحرية والعدالة والسلام العالمي، ومع ذلك، فإن كل شيء يتعلق بالطريقة التي تتبعها إسرائيل في حملتها ضد شعب قطاع غزة هو عمل لاإنساني، من خلال قيامها بقطع المياه والكهرباء وغيرها من الإمدادات عن غزة، وإلقاء القنابل بشكل عشوائي على شعب غزة مع تجاهل التكلفة المدنية المتزايدة، وهو بكل تأكيد يتعارض مع هذه الفرضية، وعلى الرغم من تجاوز إسرائيل وانتهاكها لكافة قواعد القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، إلا أن ما يؤكد سقوط النظرية الليبرالية الحديثة هو التأييد الغربي لتصرفات إسرائيل من قبل القوى الغربية (أمريكا وأوروبا) وهي الدول التي تدعي أنها تعمل على حماية الديمقراطية الليبرالية.

وأصبح الصراع الدولي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، نموذجاً مصغراً للفوضى العالمية، ولقد سلط الضوء على انهيار المعايير الدولية، وتقلص سلطة الولايات المتحدة، والانقسام المتزايد بين الغرب والجنوب العالمي، بينما كشفت الحرب على غزة عن إفلاس السياسة الأميركية في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، ففي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ثم الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، حاولت أمريكا تحييد القضية الفلسطينية من خلال التخلي، بحكم الأمر الواقع، عن احتمال حل الدولتين.

لذا تواجه الرؤية الليبرالية للنظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية انتكاسة حقيقية وأزمة معيارية أخلاقية، فقد تراجع وبشكل كبير من يعتقدوا أن النظام الأحادي القطبية يمتلك شرعية أخلاقية أو مصداقية سياسية، وأصبح يُنظَر إلى القواعد الأمريكية بأنها وجدت لخدمة القوى الغربية فقط.

فمن غير الممكن أن تكون هناك عودة إلى نظام يتمحور حول القوى العظمى التي لها ازدواجية في معايير حل الأزمات الدولية، وذلك لأن سلطة وقدرة القوى العظمى المفترضة على حل النزاعات الدولية أصبحت أضعف من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة.

ومع ذلك فإن الصراع الحالي يشكل هزيمة ليس فقط لصانعي السياسات في الولايات المتحدة والرؤية الليبرالية للحكم العالمي، وإنما يشير إلى أزمة أكبر في النظام الدولي أحادي القطبية وعلى الرغم من القيود الواضحة التي يفرضها النظام الليبرالي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة على القوى الدولية الصاعدة، فإنه لا يوجد بديل في الأفق قادر على منافسة الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، ومهما كانت نتيجة الصراع الحالي، فقد أصبح من الواضح أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :