عودة المهرجان واستعادة مجد جراسا
راكان المجالي
04-03-2011 03:04 AM
نستذكر مهرجان جرش بمناسبة العودة عن اغتياله ، ونذكر انه فعالية فنية وثقافية واجتماعية كانت تحتمل آنذاك النقد وابداء الرأي وهو ما كنا نمارسه ونلام عليه لانه برعايته كان من المحرمات وكان تقييم فعالياته في نظر بعض الاوصياء عليه غير مقبول.
ما نتمناه ان يعود مهرجان "جرش" أردنيا تحت سقف الاردن وفي اطار ثقافي اردني وكجزء من وزارة الثقافة وليس فوقها ولا هو بعيد عنها. وما نتمناه ان تخف منهجية التغريب التي برزت في سنواته الاخيرة في سبيل عالمية زائفة طغت على كل ما هو محلي الى حد انه في بعض السنوات حرمت الفرق المحلية الرئيسية الاردنية من المشاركة.. الخ.
لسنا بصدد تقليب المواجع ولكن لا بد من الاستفادة من سلبيات التجربة الماضية ، وتفعيل الايجابيات والاهم ان يعود مهرجان جرش اردنيا ولنعود نتغنى بمجد جرش "جراسا".
جراسا..
ما زال انحراف "معمار" بوابتها الشمالية يتلاءم مع سكة تراجان نحو روما شاهدا..
ما زال قوس نصرها لـ هدريان يشي بحجم الهجمة على بترا ..
ما زال انتماء جراسا الى الكورة العربية منقوشا على احد جدران معابدها منذ القرن الثاني للميلاد:
(OF ARABIA PROVINCE)
ما زال مجرى عربات "تراجان" في ممراتها ينبىء عن تراثها.. ونهر ذهبها ..
وفاء جراسا لشهدائها ما زال ماثلا في الكنيستين اللتين اقاموهما لطبيبين سويسريين قدما اليها زمن اضطهاد المسيحيين..
رخام مصر.. وجرانيتها ما زال شامخا رغم العاديات في جراسا..
جراسا.. لك الحزن كُله..
جراسا.. ما زالت خرابا .. وما زالت الاسرار النبطية فيها يأكلها عفن الصخور.. والعابثون من بعض المستشرقين ..
جمع احدهم وهو مستشرق ما يمكن تجميعه من حجارة منقوشة.. ووضعها في غرفة مقابل الكاتدرائية.. وهطلت الامطار ذات يوم.. وانهارت الغرفة وما زالت الى اليوم اكوام الحجارة المنقوشة التي تروي تاريخا على حالها.. ، ،
جراسا..
لم نعرف بُعد سر عظمتها.. ولا أُبهة وفخامة معابدها..
كان يقطع المدينة كلها بفخامة من الغرب الى الشرق.. بممراته وواجهاته.. ومشاعل رهبانه.. وجسره الضخم..
معبد الاله "ذي الشري" النبطي هناك.. ومعبد الطفل النبطي.. والبيوت الاموية لا تدل عليها سوى يافطة متواضعة..
في عصر الايمان المسيحي .. انشأت جراسا مسبحا للعُراة للاحتفال بعيد الماء.. و مسبحا ومسرحا رائعا خارج المدينة.. المسبح والمسرح ينسحب بالاهمال من بين ايدينا ونحن ندري.
جراسا..
ما زالت محايدة.. والناس فيها ليسوا منها .. وهي ليست لهم.. طلب احدهم ان يدفن في المدينة الاثرية حين يموت.. وفعلا دفن هناك في العام 1979 كان هذا الانجليزي "لانكستر هاردنج" الذي شغل منصب المدير العام للاثار الاردنية 1936 ـ 1956 وربما هو اكثر شخص اخذت منه جراسا حصتها..
جراسا..
ما زالت استراحاتها الحديثة تُطل بحزن على وادي الذهب الذي جف..
جراسا.. ربما حين نصبح جديرين بها يحق لنا ان نسميها جرش .
(الدستور)