أهمية تنفيذ حقوق الإنسان في حالات النزاع
رناد دحيات
14-12-2023 05:16 PM
في أوقات النزاعات كالحاصلة في غزة، لا تصبح حماية حقوق الإنسان واجبا أخلاقيا فحسب، بل ضرورة عملية أيضا.فأهمية حماية حقوق الإنسان أثناء الصراعات و النزاعات تتجاوز الاعتبارات الأخلاقية؛ وهي أساسية لتعزيز السلام والاستقرار والتنمية الطويلة الأجل في أعقاب ما يحصل و ضرورة ملحة لتحقيق استقرار المنطقة وتحسين أوضاع الحياة للسكان المتضررين.
بادئ ذي بدء، تقوم الحجة الأخلاقية على أساس الكرامة والقيمة الأصيلة لكل فرد. وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR),فجميع البشر يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وفي مناطق الصراع و النزاع، حيث كثيرا ما يتمزق نسيج المجتمعات مما تعرضت له من عملية هدم ، تصبح حماية هذه الحقوق الأساسية منارة للأمل والتزاما بالقيم الإنسانية المشتركة.
وعلاوة على ذلك، فإن إعمال حقوق الإنسان في حالات الصراع يشكل استراتيجية عملية للتخفيف من الآثار الطويلة الأجل للعنف كما إن احترام حقوق الإنسان يعمل كحافز لحل الصراعات وبناء السلام. وعندما يرى الأفراد حماية لحقوقهم، يصبح من الأرجح أن يشاركوا في الحوار والمصالحة والتعمير بعد انتهاء الصراع. وتبرز دراسة أجرايت في عام 2017أن المجتمعات التي تعطي الأولوية لحقوق الإنسان أثناء الصراعات هي أكثر مرونة وتُظهر قدرة أكبر للانتعاش و التخلص مما خلفه الصراع
وتشدد الصكوك الدولية، مثل اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 17المعتمد من يوليو/تموز 1998، و ذلك خلال مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية، على الالتزامات القانونية للدول والجهات الفاعلة من غير الدول باحترام حقوق الإنسان وحمايتها في أوقات الصراع. والامتثال لهذه الصكوك لا يحول دون وقوع تجاوزات فظيعة فحسب، بل يهدف أيضاً أساساً للمساءلة والعدالة.
وعلاوة على ذلك، فإن إعمال حقوق الإنسان يشكل تدبيرا وقائيا يعالج الأسباب الجذرية للصراعات. ومن خلال تعزيز العدالة الاجتماعية، والحكم الشامل للجميع، والمساواة الاقتصادية، يمكن للمجتمعات أن تقلل من احتمال حدوث اضطرابات عنيفة. وكما قال فورسيه (2017)، فإن الالتزام بحقوق الإنسان يشكل رادعا للمعتدين المحتملين، ويخلق ثقافة لا يتسامح فيها مع الانتهاكات.
و فالنهاية، لا يمكن المغالاة في التأكيد على أهمية إعمال حقوق الإنسان في حالات الصراع. إنه التزام أخلاقي يعكس القيم المشتركة للإنسانية، وهو استراتيجية عملية لبناء السلام الدائم والحد من العنف و منع تكرارما حدث ,كما يتوجب على المجتمع الدولي أن يظل ثابتا في التزامه بدعم حقوق الإنسان، وأن يكفل حماية كرامة وحقوق كل فرد حتى في خضم النزاعات.