قال اعرابي " البعرة تدل على البعير ، والأثَر يدل على المسير “، وعادة ما يكون الاستدلال بوجود الجمال (الإبل) من روثها، فعندما نشرت جريدة التايم اوف إسرائيل Times of Israel في مقالها، الذي ينشر ويدام بشكل يومي أسماء القتلى ، ويبين الوحدات التي يخدمون فيها من وحدات الجيش الإسرائيلي، وتحت عنوان المقال "Authorities name 444 soldiers, 59 police officers killed in Gaza war" ، اردت ان اعرف من أي وحدات هؤلاء القتلى، والذي تبين لي ان النسبة الأكبر منهم من نخبة الجيش الإسرائيلي، الا ان الامر لا يقف عند هذا الحد بل هناك مدلول اخر ، بان هذا الجيش الذي قيل عنه سابقا " الجيش الذي لا يُقهر " ، تبين انه جيش لا يتمتع بأخلاقيات النزاعات والحروب، بالإضافة الى انه يفتقر الى ادنى مستوى القدرات القتالية لضباط الصف والافراد.

خلال تشرفي بقيادة كتيبة مكافحة الإرهاب / ٧١ ، كانت فلسفة التدريب تقوم على ، رفع قدرات وفن القيادة لضباط الصف والافراد، وذلك لان هذا النوع من العمليات (القتال في المناطق المبنية) او القتال في المناطق القريبة عند اقتحام الغرف في عمليات مكافحة الارهاب CQB Close Quarter Battle ، فأنها تحتاج الي قيادة مركزية وتنفيذ لا مركزي ، أي ان التخطيط للعمليات ، والذي عادة ما يقوم به الضباط هو بشكل مركزي ، وان ضابط الصف و الافراد هم من يقومون بتنفيذ الواجبات والمهام بشكل لا مركزي ، وهذا الامر لا يتم الا عندما يكون مستوى تدريبهم متقدم ، يجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات في ميدان المعركة ، وبمساعدة رفاقهم بالسلاح من الضباط كفريق واحد، الذين يجب ان يكونوا بمستوى تدريبي عالي، في افهام ونقل تلك الخطط لمرؤوسيهم من ضباط الصف والافراد.

كذلك قيل في الحروب القديمة في موضوع فن القيادة " ان القادة دائما في الامام “، وهذا القول او المبدأ أصبح مفهوما قديما في قدم تلك الحروب، لان ضباط الصف والافراد في ذلك الوقت، كانوا يفتقرون الى التدريب على فنون القتال والاستراتيجيات، في العمليات الدفاعية والهجومية نظرا لضعف تأهيلهم، بعكس الضباط الذين يتم تأهيلهم في معاهد وكليات ومدارس مختلفة، لدراسة فنون وعقيدة القوات المعادية، والوقوف على دراسة الحروب السابقة والدروس المستفادة منها.

واليوم بتاريخ 13 ديسمبر 2023؛ تفاجأت في تبرير جنرال إسرائيلي، عند زيارة قائد القيادة الجنوبية اللواء يارون فينكليمان Maj. Gen. Yaron Finkelman لقيادة اللواء الجولاني Golani Brigade في منطقة حي الشجاعية، معزيا في محاولة لرفع معنويات الجنود، بعد مقتل تسعة جنود يوم امس من بينهم كبار الضباط من اللواء ،حيث قال الجنرال يارون " لقد اثبتم بالأمس عمليا شعار " من بعدي "‘After me’ بانه ليس شعار عبري شائع بل هو ان القائد يتحمل المسؤولية ويقود من الأمام".

Finkelman says that “yesterday you proved in practice that ‘After me’ is not a slogan” a common Hebrew expression symbolizing a leader taking responsibility and leading from the front

فاذا كان مستوى التفكير من هذا الجنرال، فان هذا دليل واضح على ان هذا الجيش هو جيش مهزوم، إذا استمر في هذه الحرب الشرسة، وان مستوى تدريبة يدل على ان ضباط الصف والافراد هم مثل الأغنام، التي يقودها راعي غنم وعند غياب هذا القائد، فانهم يعيشون في شتات Diaspora لا يعرفون ماذا يعملون وماذا سيعملون في المواقف الصعبة.

اما في الحروب الحديثة اصبحت بعض الجيوش ، تقوم بتأهيل وتدريب ضباط الصف على فنون القيادة، لاتخاذ القرارات المناسبة في المواقف التي قد يتعرضون لها خلال العمليات، تطبيقا لمبدأ ان ضباط الصف هم العمود الفقري للقوات المسلحة، ومن هذا المفهوم فانك تجد في فلسفة التدريب بالجيوش المحترفة، ان ضباط الصف وبعض الافراد، اصبحوا قادرين على ادارة المعارك عند غياب القادة، فالجيش الامريكي على سبيل المثال ، وفي وحدات القوات الخاصة، (الطواقي الخضر Green Beret ))، هناك مقولة يتداولها ضباط الصف " اننا نبحث عن غياب القادة " We are looking for the absence of officers “ وهذا المبدأ هو لإظهار مدى قدراتهم على القيادة.

واليوم في هذه الحرب التي تحدث في غزة، فان المقاومة الفلسطينية اتبعت نهج المركزية في التخطيط واللامركزية في التنفيذ واتخاذ القرارات، فأصبح كل مقاتل لدية القدرة على اتخاذ القرار بحسب الموقف، اي انها تتمتع في لا مركزية عالية، اما وحدات الجيش الإسرائيلي المهزوم، فهي لا تزال تعتمد اعتمادا كليا على مركزية الضباط او القادة، والدليل على ذلك هو عدد القتلى منهم ومن نخبة القوات الإسرائيلية، التي اجتمعت من القيادة الوسطى والقيادة الشمالية لإسناد القيادة الجنوبية.

وللتعرف على هذه الوحدات التي توغلت في قطاع غزة، وتحشدت حول غلاف غزة، والتي هي موزعة بحسب الحجم والنوع (الصنوف) العسكرية ما بين مظليين وقوات خاصة ودروع ومشاة ومكافحة إرهاب، حيث جُمعت والحقت تحت القيادة الجنوبية Southern Command التي تتمركز قيادتها في بئر السبع، والتي هي بالأصل تتألف من اربع فرق Gaza Division’s وهي الفرقة 80th division، والفرقة 143rd ، والفرقة 162nd ، والفرقة المدرعة 252nd..

حيث قامت الفرقة 80th Division من القيادة الجنوبية ، بانفتاح (نشر) لوائين من اصل اربع الوية في قطاع غزة ، وهي اللواء المدرع /460th Armored Brigade “Bnei or Sons of Light” في مخيم جباليا ، وقامت الفرقة المدرعة/162 (التي تعرف بتشكيل الصلب) 162nd Division (Ha-Plada/Steel Armored Division) ، بانفتاح ثلاث الوية من اصل الويتها الأربع منها واحد احتياط في القطاع، وهي لواء المشاة جفعاتي Brigade 84th Givati ، ولواء نحال 933rd Infantry Brigade "Nahal"، والواء المدرع 401st Armored Brigade ، وقامت الفرقة المدرعة (فرقة سيناء المدرعة) 252nd Division (Sinai Armored Division) ، بفتح لواء (احتياط ) من اصل الويتها الاحتياط الخمسة ، وهو اللواء المشاة ايتزوني (احتياط) Etzioni 16th Jerusalem Brigade"

كما الحقت القيادة الوسطى Central Command والمتمركزة في النبي يعقوب تحت قيادة المنطقة الجنوبية ، من فرقتها فرقة المظلات التي تعرف في (تشكيل النار) 98th Division Ha-Esh “Fire” والتي زودت مؤخرا، يوم 11 ديسمبر 2023 جوا بالمظلات في منطقة خان يونس ، لواء المظليين The 35th "Paratroopers" Brigade، واللواء المظلي (احتياط) هود هانيت (راس الرمح) 55th Reserve Paratroopers Brigade’s ، ولواء الكوماندوس "عوز" الشجاعة، ولواء الكومندو او Oz 89th Commando Brigade. ، واللواء (احتياط) Paratroopers Brigade 551st «هتسي هإيش» / «سهام النار» (الموجود في مخيم جباليا وبيت حانون) ، كما قامت الفرقة 877th ( يهودا والسامرة) Judea & Samaria بالحاق اللواء 434th The Menasha Territorial Brigade ، ، كما الحقت الفرقة 99th Division احد اهم الويتها اللواء (احتياط) يفتاح S.O.F 11th Commando Brigade “Yiftach’ والذي قتل قائدة يوم امس في عملية الشجاعية ، كذلك الحقت الفرقة المدرعة الاحتياطية (عيدان) للجيش الإسرائيلي 340th “Idan” Division، لواء المشاة الخامس شارون (احتياط) 5th “Sharon’

كما الحقت القيادة الشمالية Northern Command والمتمركزة في (صفد) تحت قيادة المنطقة الجنوبية، من فرقتها الفرقة المدرعة 36th Division (Ga'ash/Rage Armored Division) ، لواء المشاة الالي الجولاني اللواء الأول 1st Infantry Brigade (Golani) من الجبهة السورية ، واللواء المدرع السابع الذي هو مزود في دبابات ميركافا،7th Armored Brigade "Saar me-Golan" ، واللواء المدرع الخفيف 188th Lighting Armored Brigade’s المعروف باسم باراك Barak الذي يستخدم الجيل الرابع من دبابة ميركافا Merkava MK-4M ،

وللعودة الى ارتفاع عدد القتلى من الضباط، والذي هول دليل واضح على خلل منظومة القيادة والسيطرة وإدارة وتدريب هذا الجيش الصهيوني في هذه الحرب البربرية، ومع دخول الحرب شهرها الثالث، وصل عدد القتلى 1200 قتيل منذ بدء عملية طوفان الاقصى، وأصيب اكثر من 10584 ، حيث بلغ عدد القتلى من الجيش الاسرائيلي ما يزيد عن (444) ضابط وجندي ، منهم (117) ضباط منذ بدء عملية طوفان الأقصى ،

حيث قتل (4) ضباط برتبة عقيد، الذين عادة من يتولون قيادة فرقة / لواء / قوة واجب / وحدة خاصة، وهم العقيد جوناثان ستاينبيرغ Col. Jonathan Steinberg, قائد لواء ناحال Nahal Brigade الذي قتل بتاريخ 7 أكتوبر 2023 ، وقتل العقيد روي ليفي Col. Roi Levy, قائد وحدة الاشباح Ghost” Unit وقتل العقيد اساف حميمي Col. Asaf Hamami قائد فرقة غزة والعقيد ( احتياط) ليون بار Col. (res.) Lion Bar,

وقتل أيضا (8) ضباط برتبة مقدم ، الذين عادة من يتولون قيادة كتيبة / مجموعة قتال / وحدة خاصة ، والذي من ابرزهم المقدم ايلي قينزبيرغ Lt. Col. Eli Ginsberg قائد وحدة مكافحة الإرهاب 707 , LOTAR counter-terrorism unit والتي هي اختصار بالعبرية لمكافحة الإرهاب البتي أنشئت عام 1974 ، مع وحدة يمام من الشرطة الإسرائيلية ،والتي هي اختصار للكلمة العبرية يمام "يخيدا مشتارتيت ميوحيديت" .كذلك قتل المقدم (احتياط) ياتشي هيريزبيزغ Lt. Col. (res.) Yochai Gur Hershberg قائد الفرقة 98th Division المتخصصة في تحديد أماكن المفقودين، واليوم في معركة الشجاعية قتل المقدم تومير قرينبيرغ Lt. Col. Tomer Grinberg,

وقتل (33) ضابط برتبة رائد، الذين عادة من يتولون قيادة مستوى وحدة / كتيبة / سرية / فريق قتال ، والذي من ابرزهم الرائد اريل بن موشيMaj. Ariel Ben Moshe قائد وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي Sayeret Matkal,، ومعه (4) ضباط برتبة رائد ، كذلك قتل الرائد بينجامين تراكينسيكس Maj. Benjamin (Benji) Trakeniski, مدير العمليات في اللواء المدرع السابع , head of operations in the 7th Armored Brigade.والرائد (احتياط ) اومري ميشالي Maj. (res.) Omri Michaeliمن وحدة دوفدفان Duvdevan ، والتي هي من وحدات النخبة التي انشائها إيهود باراك عام 1987 ، والمتهمة في اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة ، والتي تتميز بان معظم منتسبيها ، ممن هم من الملامح الشرقية والذين ينخرطون في التجمعات الفلسطينية .
وقتل (36) ضابط برتبة نقيب، الذين عادة ما يتولون قيادة فريق خاص / فصيل / قسم قتال، والذي من ابرزهم النقيب لبرون سنير Cpt. Liron Snir قائد فريق من وحدة الاستطلاع من اللواء الجولاني Golani Brigade’s reconnaissance unit والنقيب ساجي جولان من وحدة مكافحة الرهاب 707 LOTAR بالإضافة الى نقيب اخر (احتياط) يدعى روي ناقاري Roi Nagri ، والنقيب اريه شولمو من وحدة ال K9 (الكلاب البوليسية) عوكيتس Oketz والتي تستخدم لعمليات البحث عن المتفجرات والمسلحين وهي كلاب مفترسة ، كذلك قتل (36) ضابط، ممن هم برتبة ملازم وملازم اول ممن هم يتولون قيادة فصيل ، وقتل (327) ضابط صف وفرد من الجيش الإسرائيلي ، وقتل (59) رجل شرطة.
وفي الختام؛ لقد أسقط ابطال المقاومة الفلسطينية مقولة " الجيش الذي لا يقهر “، وكشفوا للعالم بان هذا الجيش يفتقر الى أدني مستوى الاخلاقيات العسكرية، وقواعد الاشتباك والمواثيق الدولية، التي تمنع في مناطق لنزاع والحروب الاعتداء على المدنيين والمساجد والكنائس والمعابد والمستشفيات والمدارس والمواقع التاريخية والاثرية.