facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سري ناصر وأنا ..


د. صبري ربيحات
14-12-2023 12:02 AM

اليوم عاد لي شعور الطالب الذي احب الجامعة وتعلق بحياتها واحترم اساتذتها وبقي ممتنا وفيا لكل الذين شكلوا باقات التنوع الفكري والمنهجي الذي خصب عقولنا واثرى معارفنا واكسبنا الوعي الذي مكننا من استكمال مسيرة الحياة والقدرة على الإسهام في خدمة مجتمعنا .

بدون توقع ومن غير تخطيط سعدت هذا الصباح باستقبال مكالمة هاتفية عزيزة من استاذي الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع ورئيس القسم المفعم بالطاقة وحب العمل واكثر أساتذة جيلنا جرأة وتأثيرا وحرية، نعم لقد كان سري ناصر في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي احد اهم الأساتذة الكبار الذين كان لجيلنا فرصة التتلمذ على ايديهم..

في ذروة انشغالاتي اليوم اسعدني سماع الصوت الآمر العميق لاستاذي واعادتني المكالمة الى أجواء الجامعة الاردنية في اوائل السبعينيات والى صورة الاستاذ الذي حافظ على هيئته المختلفة في لباس عملي مريح بيده غليون محشو بتبغ معطر ويسير بخطى طويلة متسارعة مع نظرات حادة ويمطر طلبته بسيل من الاسئلة التي تدفعهم للتأمل والتحليق في فضاء الزمن البعيد .

صوت سري ناصر المحرض على التفكير والسؤال كان اهم الاصوات التي تسكن القاعات التي تستضيف المواد الدراسية التي يطرحها، فهو صاحب مدرسة تفكير مختلف واسلوب تدريس مميز له حضور لافت ولا تعرف ما يدور في رأسه بالرغم من انه لا يتوقف عن الأسئلة ولا يمل من الكلام .

الهالة التي ترافق سري المدجج بالزهو والطاقة التي تنبعث من حركته وهو يطوف بين المباني او يسير في شوارع الجامعة ويطل على القاعات المكتظة بالضجيج الصامت كانت مظاهر استوطنت في المكان بعد ان اصبحت مكونا من مكونات المشهد الذي لا يخطئه طلبة الآداب واعضاء فرق الخدمة العامة من بقية كليات الجامعة واقسامها.

بلغة آمرة قال لي استاذي اليوم :"وينك يا زلمة لازم اشوفك" وبهذا الصوت والخبرة اعادني سري ناصر الى شهر اكتوبر من عام ١٩٧٤ وشعرت كأني أقف بالقرب من بوابة القاعة ١٠٦ من مبنى كلية الآداب وبجانب مقعدي الخشبي ومنضدته المثبتة على ذراع المقعد الخشبي من الجهة اليمنى.. فقد كان أحدنا يسعد بأن يحظى باعتراف استاذه بأنه موجود أو بذكر اسمه..

اجبته انا هنا واني سعيد بأن سمعت صوته واعرف انه بخير ويتمتع بصحة جيدة وهو على مشارف التسعين.. التقطت عنوان مسكنه ورجوته ان يمهلني ساعتين لأنهي ما كنت قد بدأت بعمله .. وما ان فرغت مما في يدي حتى انطلقت للقاء معلمي واحد أساتذة الجيل ممن فسر وجودهم معنى التنوع والتعدد والاختلاف .

فتحية لهذا الرائد الذي اعطى ورفاقه لنا والتعليم والمجتمع الكثير...

لا أدري كم امضيت من الوقت.. لكننا التقينا وكأننا عند مدخل الآداب في يوم مثلج، فتحدثنا عن أشياء في الماضي وراهنا على المستقبل وتركته وانا مستغرق في استرجاع رحلة عمر .. كان استاذي سري احد المنارات المهمة والمعالم التي لا تختفي...

أطال الله في عمرك يا أبا جميل ومتعك بالصحة والعافية والنعم..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :