مذيعون همهم تعبئة الهواء .. وضيوف "صيني" .. وادارات غائبة ..
محمود الدباس - ابو الليث
13-12-2023 01:07 PM
استثار فضولي منشور للصديق المخضرم د. ماجد الخواجا.. جاء فيه.. ((كنت في السيارة وكان صوت لبرنامج اذاعي يتم فيه لقاء مع دكتور فلسفة للحديث عن شجونها وشؤونها.. الحقيقة أنني حزنت كثيرا وتألمت أن تصل الضحالة لهذا المستوى .. فلم نعد نقدم أي محتوى عليه القيمة .. مع اننا نعيش عصر التخمة في الشهادات والألقاب والتكريم والأوسمة.. لكنها في الواقع لا تساوي قيمة صنعها .. مجرد مراتب فارغة من اي مضمون .. الله يرحم ايام الفحولة في كل المفاصل المجتمعية........ نحن الآن مشبعون حد التخمة والذقون في كل ما هو فارغ وخاو وسفيه))..
هذا المنشور جعلني اتواصل مع مجموعة ممن يتابعون شؤون الاعلام وتحديدا الاذاعات المحلية.. لكي اسلط الضوء على واقع الحال.. من خلال ملاحظاتهم..
نحن نعلم ان اي برنامج اذاعي له مقومات وعناصر لنجاحه.. فاولها واهمها وعمودها الفقري هو المذيع.. فشخصيته وصوته وحضوره وثقافته وحسن ادارته واختياره للمحتوى والضيوف.. عنصر يرفع البرنامج او يسقطه.. وذلك باستقطابه للمتابعين حتى لو انتقل من اذاعته الى اذاعة اخرى.. او من برنامج الى آخر..
وكذلك اسم وتاريخ وسمعة المؤسسة الاعلامية.. التي تجلب متابعين موالين لها ولما تقوم ببثه.. الامر الذي يدعم مذيعيها وبرامجهم..
في ظل الاعتماد الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي لبث برامج الاذاعات.. وذلك لان الكثيرين اصبحوا يتابعون وسائل التواصل بشكل رئيس.. ولانه لا يوجد اداة قياس لمعرفة عدد المتابعين لاذاعة او برنامج يبث على الاثير.. فيكون عدد متابعي الاذاعة.. وعدد المشاهدات والاعجابات والتعليقات للبرامج على صفحات التواصل الاجتماعي.. هي المؤشر الواضح لمدى تاثير المحتوى والمذيع على الناس.. وبالتالي نجاح او سقوط البرنامج والمذيع..
فعندما ارى ويرى غيري ان اذاعة لم تكمل الشهر على انطلاقتها.. وعدد متابعيها اصبح يساوي او يفوق اذاعة تم اطلاق صفحتها منذ اكثر من عشر سنوات..
وعندما ارى ويرى اي شخص.. ان مشاهدة برنامج على اذاعة ناشئة اصبح بالآلاف.. في حين ان برنامجا على احدى الاذاعات ذائعة الصيت.. هو بمعدل 100 مشاهدة.. فلا اجد بدا من ان اضع يدي على خدي.. واصفن بِحِيرةٍ لكيفية توزيعهم على متابعي اسم وتاريخ الاذاعة الموالين.. ام على الضيف / الضيوف الذين يوزعون رابط "Link" اللقاء لاصدقائهم واقاربهم ويطلبون رايهم.. ام هو للمذيع النجم الذي يستقطب المتابعين بحضوره.. وموضوعاته.. وعمق محتوى طروحاته.. وغزارة مكنوز فكره وثقافته؟!.. ولن ادخل في مدى تمكنه من اللغة العربية الفصحى والمحكية وتوظيف ونطق مصطلحاتها.. ناهيك عن من يُدخِل كلمات انجليزية في حديثه ليبين مدى ثقافته.. ولكنه للاسف لا ينطقها بشكل قريب ولا اقول صحيح..
من الطبيعي ان يتم استضافة شخص اعلامي او ناشط اجتماعي للحديث عن اكثر من موضوع حسب كتاباته وتقاريره او نشاطاته.. وليس لانه مختص في ذلك..
ولكن من المعيب ان يكون هناك من المذيعين من يستضيف شخصا اكاديميا متخصصا في امر.. ويقدمه على انه الأكاديمي المختص في هذا الموضوع.. وبعد عدة ايام.. يقوم باستضافته وتقديمه بانه الاكاديمي المختص في امر مختلف تماما..
فهل وصل الاستهتار من قبل المذيع وادارته على حد سواء بعقول واذواق المستمعين؟!..
وهل وصل الحد بالضيف ان يكون "صيني" ويقبل باي دور يطلب منه مقابل ان يخرج على الهواء؟!.. ام ان المذيع هو الذي يريد استضافة ذلك الشخص لغايات شخصية.. او علاقات اجتماعية تربطهم ببعض؟!..
ولا اظنها قلة خيارات.. فالاردن مليء بالخبرات ومن كلا الجنسين.. حيث ان احد اصدقائي المذيعين في اذاعة محلية خاصة.. تم الطلب منه ان يستضيف ضيوفه داخل الاستوديو حتى تقوى الاذاعة وتشتهر من خلال الزيارات للاستوديو.. ويكون هناك زخما للبرنامج حسب وجهة نظرهم..
ومشكلة صديقي انه يتحرج بالحديث مع الاناث وجاهيا ولوقت طويل.. وفي مكان محصور.. واضطراره للنظر اليهن بشكل شبه متواصل احتراما لوجودهن.. وكان من ضمن ضيوفه المعتادين ومنذ زمن اناث كثيرات.. ولكن كانت اللقاءات عبر الهاتف.. وهنا اضطر لان يبحث عن بدلاء من الذكور حتى لو كانوا اقل خبرة.. فبالمحصلة.. انه استطاع تدارك الامر وانجح برنامجه الذي يحصد آلاف المشاهدات.. ووجد ان في البدلاء كان النجاح..
في الختام.. كم اتمنى ان يكون في كل اذاعة على الاقل شخص يُعنى بأمور الجودة.. ولا اقول قسم او ادارة لتخفيف الاعباء المادية.. بحيث يتم تقييم المذيعين ومحتوى برامجهم ومدى تاثيرهم في المجتمع ومدى متابعتهم..
بالاضافة الى التدقيق في البرامج من حيث تكرار مضمونها وهدفها.. ولكنها قد تكون منسوخة عن برامج اخرى باسماء واشكال جديدة..
فتساهمون في تعبئة الهواء والاثير بما هو مهم ومفيد وجديد وجذاب.. وليس نسخ ولصق.. وتخلصونا من الضيوف "الصيني"..