لطالما كان وما زال الموقف الأردني ثابت وراسخ متمثلاً ، ان الحل الجذري والوحيد لاستقرار المنطقة هو حل الدولتين، دولة فلسطينية على حدود السابع والستين وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة "إسرائيل" .
في اول يوم للحرب اعلن جلالة الملك عبدالله الثاني امام كل العالم ان هذا الصراع هو نتيجة تراكمية لجمود الحل الشامل المنشود وتعنت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وتطرف نتنياهو الذي اسقط وأنكر كل المحاولات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية السابقة .. بل انه تطرف هو وزمرته المتطرفة وذهب اكثر وأكثر حتى باتت زمرته تقتل بلا هوادة وترتكب مذابح وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني ضاربة بذلك كل القوانين الانسانية وقانون حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب والنزاعات المسلحة.
ان الدعم الذي قدمته ادارة الرئيس الأميركي الى اسرائيل اثناء الحرب على غزة ، من دعم لامتناهي من الأسلحة المحرمة دوليا والتي قامت اسرائيل بإستخدامه ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة الفسفور الابيض يثبت أن امريكا شريكة بهذه المذابح ، فقامت المظاهرات وتراجعت شعبية الحزب الديمقراطي وورود التقارير التي تنذر بسقوطه وسقوط امريكا اخلاقياً وسقوط كل أنواع الديمقراطيات والقوانين وخاصة الفيتو الأخير الذي جعل من إسرائيل تتمادى في القتل والذبح والتدمير ..كل ذلك أدى الى تراجع حاد في الموقف الأمريكي وعودته الى عين العقل بغض النظر عن المآلات السياسية والانتخابية المرتقبة .
ان استمرار الحرب بدون اي تحقيق للأهداف ، وخاصة ان الجيش الاسرائيلي قد فشل ولعدة مرات في تحرير الاسرى مما أدى إلى قتلهم كان من الممكن تحريرهم بالتفاوض بكل بساطة ، ومع ذلك يستمر بالحرب دون معنى . وان العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة اصبحت تسطيح لعمليات روتينية يومية بدون تحقيق اي هدف إلا مزيد من قتل الفلسطينيين المدنين ..مع خسائر بشرية كبيرة في الجيش الاسرائيلي .. والتي يعلن عنها يومياً امام مجتمع داخلي متحقن وغاضب ، وقادة وجنود اصبحوا محبطين جداً ومعنويات منهارة ، لعدم وضوح ما تتخذه قياداتهم واقتناعهم ان القيادة السياسية لا هم لها إلا الاستمرار في السلطة بغض النظر عن النتائج ..
في هذه الحرب ، الموقف الأردني ( الرسمي والحكومي والشعبي) كان متوافقاً واضحاً قوياً ، مسانداً ومساعداً حسياً ومادياً، خطاب عقلاني يحقن دماء الشعب في غزة ودعم ويوقف الحرب ووقف شلال الدم ولجم هذه الدولة التي خرقت كل القوانين وخرجت على كل اخلاقيات التعامل الدبلوماسي وأخلاقيات الحروب ..
ليس هذا فحسب ، بل قامت الأردن بعمليات انزال عسكرية طبية ومستلزمات دعم للشعب في غزة كاسرة بذلك الحصار الجائر الذي فرضته إسرائيل على غزة وشعبها ..
لقد كانت لجهود جلالة الملك المضنية اكبر الاثر في إقناع دول العالم وتغيير مواقفهم التي كان من الصعب تغيرها ولكن تغيرت وانصاعت بعد ان شاهدت ما تقوم به إسرائيل من بشاعة القتل والتدمير بدون وعي او ادراك للمخاطر التي تواجهها امام معارضة عالمية جارفة أدت إلى عزلتها دولياً ، مدركين ان استمرار الدعم لهذه الدولة من شأنه ان يوسع رقعة الصراع والتي تغذيها جهات لا تريد الاستقرار لهذه المنطقة ، بل همها ادامة الصراع بالوكالة .
اخيراً اقول للذين يرمون آذانهم وتتبارق عيونهم إلى خارج دائرة الوطن يسترقون من هناك ومضات مقيتة رمادية خارجة عن اطار المصلحة الوطنية ومصلحة الوطن ، يبثون سمومهم من هنا وهناك يريدون توريط الوطن في اتون الخراب والدمار ، ان مصدر سمومهم هي نفسها مصدر السموم التي تقاتل قواتنا المسلحة الباسلة على حدودنا الشمالية من اجل ردعها ومنعها وهي نفسها التي أعملت ما أعملت من قتل وفتك في النفس البشرية في شمالنا وشرقنا .