الأحزاب السلطوية علّة إضافية .. !!
راكان المجالي
03-03-2011 01:01 PM
كان "غوبغر" وزير اعلام هتلر وأبو "البروبغندا" والاعلام التعبوي وهو الذي قال: "اكذب اكذب بدأب واستمرار في كذبك ليس فقط لأن التكرار سيجعل الناس تصدقك ، ولكن لتصل أنت الى تصديق صناعة الكذب الذي تروج له".؟
وقد كان للاعلام المصري لثورة 1952 ريادة دعائية صاخبة مع ما رافق ذلك من شعارات براقة ووعود بأحلام مجنحة و.. و.. وتواكب ذلك مع تقوية القبضة الحديدية آنذاك للسلطة الامنية وسطوة الاجهزة ، وكان لا بد لذلك من مظهر سياسي شعبي تحت عنوان تمثيلي وديمقراطي فكان ابتداء ان تم تأسيس هيئة شعبية معينة من قبل النظام حينها ، لها صفة تشريعية تشكيلية ومبرمجة ، وبعد مدة اعترف النظام بفشل جبهة التحرير ، وأعاد سكب الشراب بنفسه في زجاجات جديدة ، واعاد تشكيلها بنفس المواصفات تحت اسم الاتحاد القومي ، وهكذا تبدلت الاسماء عدة مرات وصولا الى الاتحاد الاشتراكي...الخ.
وعندما جاء السادات الى الحكم كانت مشكلته انه لا يملك وهج عبدالناصر ، ولا جماهيريته التي تطغى على كل شيء بما في ذلك الاتحاد الاشتراكي وهزيمة 5 حزيران ، فعن حق لم تكن وطنية عبدالناصر ونزاهته موضع شك ، وهو عكس ما مثله خلفه السادات الذي بدأ بتأسيس ما أسماه "الحزب الوطني الديمقراطي".
وقد كانت صيغة تشكيل الحزب الوطني الديمقراطي الساداتي لا هي حزبية ولا تنظيمية شأنها شأن التجارب المصرية التي سبقتها في عهد ثورة ,1952 فالحزب كان عبارة عن ادارة او مؤسسة او جهاز يتم تشكيله عبر التوظيف وليس عبر التنظيم بصياغات ومرجعيات أمنية كما هو حال كل ما سبقه وما تلاه في مصر وفي انحاء الوطن العربي بقرار حكومي ونهج أمني.
وفي زمن سابق كانت في مصر قبل العام 1952 احزاب حقيقية ابزرها في مصر حزب الوفد وفي تونس كان هنالك التجمع الوطني الدستوري الذي قاد نضال تونس ضد الاستعمار الفرنسي وتحول بعد الاستقلال الى اطار حزبي حقيقي بدأ يضعف تدريجيا مع تفاقم شيخوخة بورقيبة ، لكن الانقلاب العسكري الامني الذي قاده بن علي في تونس في العام 1987 أدى الى تحويل الحزب الى ادارة او جهاز وفق قواعد امنية وليست سياسية وفق النموذج المصري،،
هذا النموذج المصري التونسي واليمني تحت تسمية حزب المؤتمر اليمني او الجزائري تحت تسمية جبهة التحرير او ما تبقى منها وكل الصيغ التي تم تحويرها على شكل ادارات او اجهزة بما في ذلك اللجان الشعبية البوليسية للعقيد القذافي كان لها هدف واحد هو الالتفاف الديمقراطي وتزوير الحالة الحزبية.. وفي غالبية الدول العربية التي تشاطرت حكوماتها وقامت بانشاء احزاب عبر التوظيف تحت مسمى التنظيم فكانت هذه الاحزاب كما البرلمانات الزائفة قبلها اطر شكلية ودعائية قامت على الزيف والخداع استندت الى ما وفرته للشطار والانتهازيين المتسلقين والفاسدين من مظلة وسلطة قائمة على الاستغلال والانحراف وتم من خلالها اعادة انتاج الفساد والسلطوي البيروقراطي الحكومي وبمنافع مالية وسلطوية اكبر في الحياة البرلمانية والحزبية.. الخ.
على ضوء ما تقدم نفهم النغمة الان على الحزب الوطني الديمقراطي في مصر ولاحظوا انه وطني وديمقراطي،، وهو الحزب الذي فاز باكثر من %95 من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات الاخيرة لكن لم يكن له اثر او وجود او تأثير في الشارع ، وهكذا كان حال حزب التجمع التونسي الذي هو ديمقراطي ووطني ايضا ، وقد بات واضحا في اليمن ان حزب المؤتمر الديمقراطي والشعبي ايضا بات عبئا على النظام وبدأ بالتهاوي قبل سقوط النظام ولم يظل له من دور غير الدور السلبي ، اما لجان القذافي الشعبية الجماهيرية فهي فضيحة واكذوبة شأنها شأن كل نماذج الاحزاب والصيغ التنظيمية وهي صيغ توظيفية للتنفيع عبر تبعية امنية تحت لافتات سياسية ساذجة ومفضوحة وبالتالي فان الحكومات تستطيع ان تستحدث دائرة او مؤسسة حكومية وتستطيع ان تشكل فرقة عسكرية او جهاز امن مركزيا او تقوم بانشاء قوات درك او تضيف مركزا امنيا او اية صيغة لاطار يضم اشخاصا يتم توظيفهم ربما تسند لهم مهمات لكن في حالة التوظيف للاشخاص في مؤسسات غير ادارية حكومية تحت تسمية حزبية فان ذلك كما يثبت اليوم في مصر وتونس وليبيا واليمن وغيرهم امام انظارنا ليس الا عبئا ثقيلا على اي نظام حكم وليس الا علّة خبيثة ومصدرا لاستفزاز ابناء الشعب الذين هم حقا وطنيون ديمقراطيون وليسوا مرتزقة وغير فاسدين او انتهازيين و..و.. الخ.
الدستور.