كيف يمكن أن يشكّل التيار الديمقراطي الاجتماعي قوة سياسية وطنية صاعدة
وائل منسي
12-12-2023 05:39 PM
العالم يتغير ويتطور بشكل سريع علميا وتكنولوجيا، والذكاء الإصطناعي وانترنت الأشياء وعلم البيانات الضخمة بدأ يسيطر على عالمنا شيئا فشيئا فلا يعقل أن الحكومات والمؤسسات والأحزاب تعمل بذات الأدوات القديمة.
على الطرف المقابل تحاول بعض الأحزاب الناشئة التقدم بشيء جديد وتسعى إلى التغيير والتطوير لكن ببطء شديد، ربما بانتظار وضوح الرؤية أو بسبب تحديات خارجية وداخلية. لذلك يجب توفير بيئة جاذبة ومناسبة للعمل الحزبي وإشتباكه مع المجتمع وتأثيره وأثره.
إنّ أغلب الأحزاب لدينا غير برامجية بالمعنى الحقيقي، وبدون جذر فلسفي، فبرامجها فضفاضة وعامة وذات خطوط عريضة، ولا تستعين بمراكز أبحاث وبيوت خبرة “Think Tanks” لتستمد منها برامجها المستقبلية، فقط أشخاص يعتمدون على ماضيهم النضالي ينظّرون، وأشخاص تابعون يستمعون، وحتى بعض الأحزاب التي لديها برامج مقبولة نوعا ما وتسعى إلى تطوير منهجيتها ولديها استراتيجية، فهي ليست جاهزة لتسلم “حكومة” فاعلة بعد، أي ليس لديها أشخاص وقادة ونخبا ذوي حضور فاعل، ومؤهلين سياسيا وعلميا وعمليا لتسلم حقائب وزارية ضمن برنامج واضح لكل وزارة.
الأحزاب بحاجة إلى تعزيز وجود نسق مجتمعي حقيقي داعم لانخراط الشباب والنساء في الأحزاب وهياكلها بالتزامن مع تغيير في منظومة التحديث السياسي ومشاريع القوانين التي أقرت منذ أكثر من سنة من قبل مجلس الأمة، تتداول السلطة داخل الأحزاب نفسها للخروج من بوتقة أحزاب الشخوص، قبل تدوال السلطة التنفيذية.
علينا الوقوف أمام مئوية الدولة الأردنية وأيضا مئوية الأحزاب الأردنية التي مرت من هزيمة إلى إخفاق بسبب ظروف خارجية وداخلية، وبسبب تجريف النظام السياسي للعمل الحزبي المنظم، ضمن مبررات قد تكون مقبولة بالماضي، والذي عمل جاهدا على منع أي تخثر حقيقي للعمل السياسي المستقل، هذا من جانب، أما الوجه الآخر للصورة نجد أن لا السلطة التنفيذية ولا المعارضة لديها برنامج واضح المعالم أو استراتيجية واضحة وخطة متكاملة، وتتغير بتغير الحكومات.
ملامح المشهد الحزبي القادم
في المستقبل وبناء على مؤشرات الوضع الحالي والحراك المحموم للأحزاب سياسية بتلاوين مختلفة جزء كبير منها معتمد على نخب لا يجمعهم هوية سياسية أو برامجية كإطار عام، ستتشكل أربعة تيارات سياسية في الأردن في المستقبل القريب، وهي: التيار الإسلامي بأطيافه (جبهة العمل الإسلامي الأقوى، والائتلاف الوطني، وغيرها) والتيار المحافظ من كبار الضباط المتقاعدين وبعض رموز العشائر ومن شخصيات ووزراء ونواب سابقين، وتيار ليبرالي إقتصادي وينتهج ويعتمد مبادئ السوق الحر والحريات المطلقة ونواته رجال أعمال ونخب رأسمالية وأصحاب مصالح ولهم ادواتهم القوية من توظيف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لترويج وفرض فكرهم وبرامجهم. وتيار يسار الوسط " تسمية نخبوية " أو التيار الديمقراطي الإجتماعي بكافة أطيافه الفرعية الذي سيتشكل لوجود فراغ كبير لتيار ثالث من يسار الوسط الذي ينادي بالديمقراطية الإجتماعية والاقتصادية ومبادئ السوق الإجتماعي، وينادي بقيم العدالة والتضامن وسيادة القانون والحقوق.
الرهان الآن
الرهان الآن وفي المرحلة القادمة وبعد أحداث غزة وتغير الأولويات والاهتمامات على الصعيد الاستراتيجي السياسي والاقتصادي، فعلى العقل الجمعي "الرسمي والشعبي" أن يصر على إنجاح مشروع التحديث السياسي الذي يرتبط بتطور الحياة الحزبية فإنّ الجيل الجديد هو فرس الرهان، وتصدير قيادات شبابية فاعلى، والذي إذا تحرّك وتفاعل مع المرحلة الجديدة سيدفع بالمشروع الجديد إلى الإمام، والعكس صحيح، فإذا لم يشعر المجتمع بأطيافه بالرغبة والقدرة أو القبول بالاندماج في العمل السياسي فإنّ فرص الوصول إلى حكومات برلمانية حزبية بعد عشرة أعوام ستكون محدودة، وسينعكس ذلك بصورة كبيرة على مشروع التحديث السياسي والتحول الديمقراطي كضرورة وإستراتيجية للدولة.
والأهم أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدى هذه الأحزاب، تستشرف المستقبل، وتهيئة البيئة الداخلية والبنية التحتية، واستدامة التطوير بناء على التعلم والتعليم والتدريب والتمكين وتعزيز القدرات.
هل هناك استعداد لتشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي في الأردن؟
هل هناك استعداد لتشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي حقيقي قادر في الوقت الحالي سدة الفجوة بين اليمن المحافظ والاتجاه الإسلامي، ويمكنه التأثير في المجتمع والوصول إلى قضاياه وهمومه الإقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الجواب: نعم ولكن
فالدميقراطية الاجتماعية اسم جاذب بخاصة للفئات الجديدة على العمل الحزبي، وخاصة أن الدول في أوروبا وأمريكا الجنوبية وبعض الدول الآسيوية تم انتخاب الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية فيها.
ممكن وبقوة وجود تيار ديمقراطي اجتماعي في المستقبل القريب لكن بمقومات:
هذا التيار له نواته ومريديه وإطار صديق ممثلا بحزب ديمقراطي اجتماعي حديث التأسيس في العام ٢٠١٦، وله قواعد مجتمعية قليلة رغم أنه لا يعتمد على النخب لكنه حزب جاذب للشباب والنساء بسبب سرديته ولفلسفته ولونه السياسي وفكره البرامجي ويملك مرونة ويقبل تيارات ثقافية وفكرية داخله وينمو بشكل منهجي رغم قلة الموارد، التي تبطئ عملية النمو، ويحتاج لتطوير أدواته الإعلامية وخطابه، ليستطيع بناء قواعده الإجتماعية، ولديه برنامج طموح ومنافستو واستراتيجية لكنها تحتاج لكثير من التطوير والجهد للبناء والتطبيق، ومع البيئة السياسية الجديدة الأكثر ملاءمة للعمل الحزبي، لديه مقومات ومؤهلات تستطيع إستقطاب الشباب والنساء بشكل أكبر وأسرع من غيره من الأحزاب – بإستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي.
ويتميز الحزب الديمقراطي الاجتماعي بوجود جناحين للشباب (شدا- شباب ديمقراطي اجتماعي) وجناح للمرأة (ندا- نساء ديمقراطيات إجتماعيات)، وقد استطاع تنفيذ برامج تدريبية عديدة وتمكين وتعزيز ورفع قدرات هذين الجناحين.
لكن يحتاج الحزب بجناحيه إلى تطوير بنيته وتحديث أدواته في الاستقطاب الشبابي في الجامعات – رغم أنه بدأ بخطوات نحو التوجه للجامعات عبر مسارين (المعسكرات الطلابية للجامعات “12 معسكرفي المحافظات، والعمل داخل الجامعات من خلايا طلابية لتشكيل قائمة تيار ديمقراطي ثالث لخوض الانتخابات الطلابية)- وغيرها والتوجه نحو العمل الجماعي المؤسسي، وهناك محاولات جادة على هذا الصعيد، وهذا ينطبق على أحزاب الإتجاهات الرئيسية القائمة الآن أو القادمة.
ومن المهم تشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي حقيقي قادر في الوقت الحالي التأثير في المجتمع ليضم كافة المنادين بالديمقراطية والدولة الحديثة المدنية. والانتقال من التموضع لدى النخب إلى التموضع لدى الجماهير، وهذا ممكن وبقوة في المستقبل القريب بشرط توحيد الجهود وعدم الشخصنة وعدم إحتكار الحقيقة وإدعاء تملك العصى السحرية الجاذبة، وإذا تمسك البعض بمشاريع تأسيس أحزاب جديدة ستتشظى إلى شيع وفرق لا تمكنها من تحقيق وحدة التيار الديمقراطي، وبالتالي لن يتمكن من الحصول على مقاعد كافية في قلوب الناس وفي البرلمان. ويجب أن يكون الحزب حاملا لبرنامج طموح، ويحتاج الكثير من الجهد للبناء والتطوير والتطبيق، ويكون لديه مقومات ومؤهلات تستطيع استقطاب الشباب والنساء بشكل أكبر وأسرع من غيره من التيارات.
يحتاج هذا التيار إلى الإعتماد على تشكيل جناحين شبابي ونسائي حيث أن ٦٥% من المجتمع تحت سن ٣٥ عاما، وعدد الطلاب على مقاعد الدراسة في الجامعات الرسمية والخاصة أكثر من ٣٥٠ ألف طالب، والنساء يشكلن نصف المجتمع فيحتاج إلى جناح نسائي يتبنى قضاياهن ودورههن في المجتمع ويعزز مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة.
ويحتاج هذا التيار بجناحيه أيضاً إلى تطوير بنيته وتحديث أدواته في الإستقطاب المجتمعي والتوجه نحو العمل الجماعي المؤسسي، وهناك محاولات جادة وقريبة على هذا الصعيد ( حزبي الديمقراطي الاجتماعي وتيار التنمية والتحديث نموذجا )، وهذا ينطبق على أحزاب الإتجاهات الرئيسية القائمة أو القادمة.
يحتاج ظهور هذا التيار لمقومات موضوعية
1. تشخيص فعال للحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونقاط القوة والضعف والفرص والتحديات.
2.إمكانية تطوير نقاط القوة والفرص وتعظيمها والتغلب على التحديات ونقاط الضعف.
3.تجسير الفجوة بين بنية المجتمع “الفتية” والبنية التقليدية الاجتماعية.
4.العمل برؤيا واضحة المعالم واستراتيجية متوسطة المدى قابلة للتنفيذ.
5.إيجاد الحلول الممكنة
6.توسيع فرجار الإستقطاب ليشمل جميع المحافظات وإشراك جميع أطيافه وألوانه.
7.يحتاج أيضا إلى برنامج إجتماعي يلامس القضايا الإجتماعية والاقتصادية الحقيقية الآنية والمستقبلية التي يعاني منها الناس ومحدد المعالم وليس مبادئ أو إطار عام فضفاض.
8.يحتاج هذا البرنامج إلى شخصيات – مطعمة بقيادات شبابية ونسائية مؤهلة وقادرة على حمله والدفاع عنه وطرحه بقوة في المجتمع، وفي الانتخابات القادمة أكانت برلمانية، أو بلدية أو نقابية أو طلابية.
9.يحتاج إلى إرادة جماعية والابتعاد عن الفردية والأنا العالية، والتي ستذوب مع العمل الجماعي المؤسسي.
التيار الديمقراطي الاجتماعي والبرنامج الاقتصادي
طبعا قبل ذلك يحتاج هذا الزخم إلى دعم مالي مبدئي، وهو التحدي الأكبر. فمن أساسيات فكر الديمقراطية الاجتماعية واهتماماتها بالدرجة الأولى التعليم والصحة والتأمينات الإجتماعية والنقل والبنية التحتية (ومنها التكنولوجيا الحديثة والتحول الرقمي والذكاء الإصطناعي)، وتحويلها إلى برامج واقعية، ويجب التوجه لإصلاح هذه المنظومة مباشرة، بعد تمهيد الطريق لإصلاح سياسي واضح وخارطة طريق نحو مجالس نيابية حزبية برامجية وحكومات برلمانية لديها برامج حقيقية تلامس حاجات المجتمع والوطن.
من ركائز برنامج التيار الديمقراطي الإجتماعي الإصلاح الإقتصادي والذي يعاني في الأردن من تشوهات وعجز هيكلي مزمن، ويبدأ من الإصلاح الضريبي، ففي كل دول العالم، ثمة فلسفة من قانون ضريبة الدخل، أساسها تحقيق العدالة ومحاولة إعادة توزيع مكتسبات التنمية. فيجب إعادة النظر في منظومة ضريبة الدخل والمبيعات لتكون أكثر عدالة، وتطبيق مبدأ الضريبة التصاعدية على المداخيل والأرباح. ومن الضروري ايضا الاستفادة القصوى من الثورة الرقمية، ويجب على تيار الديمقراطية الإجتماعية الإسراع في تبني الحلول الرقمية وهذا قد يساعد على تحقيق زيادة هائلة في إمكانية النمو والتنمية وإتاحة فرص اقتصادية جديدة، إذ يمكن تبني الثورة الرقمية لتؤدي أيضاً إلى تحوُّل جوهري في القطاع العام، من حيث الشفافية والنزاهة، وتقليل الهدر ويساهم هذا بنمو القطاع الخاص بحيث يصبح هو المشغل الأكبر للأيدي العاملة وبالتالي تعود الطبقة الوسطى إلى دورها الريادي.
ومن منهج الديمقراطية الاجتماعية الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية لتحقيق تنمية مستدامة لمجتمع متحرر من الجهل والجوع والخوف، متحرر من الإكراه والخضوع ومن الإحتقانات التي تسببها الفوارق والامتيازات والتمييز، ومجتمع متحرر من الانقسامات والعصبيات، مجتمع المواطنة المتساوية حيث تكافأ القدرات والإبداع والعطاء دون إجحاف وحيث يكون للجميع الحقوق والقيمة نفسها بما يجسد المعنى الكامل لسيادة القانون والدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات.
القيم السياسية والديمقراطية كأساس للفكر الديمقراطي الاجتماعي
الفكر الديمقراطي الإجتماعي ليس فكرا جامدا متصلبا، بل منفتحا يتطور مع الخبرة والتجارب ويتعدل ذاتيا بناء على المعطيات الواقعية وخصوصية، أكان في دول العالم الثالث أو الدول المتقدمة، وفي ظل أنظمة ملكية أو جمهورية.
إن قيم الحرية وحقوق الإنسان والتنمية الثقافية والروحية والإبداع واحترام الخصوصية والتنوع ونبذ التمييز والعنف والتطرف وإعلاء شأن التضامن المجتمعي والتعاطف والوقوف مع الفئات الضعيفة والهشة والمهمشة، هي من صلب الفكر الديمقراطية الإجتماعية إلى جانب إقتصاد عادل ومتطور لايوجهه الربح فقط، أوالحوافز المادية الشخصية، بل قيمة انسانية تحرص على تعميم الرفاه ومكاسب النمو والتنمية وتعزيز الطبقة الوسطى تمكينها وتقليل الفوارق والفجوات الإجتماعية.
إنّ الدولة بمؤسساتها هي المنوط بها تحقيق التوازن والعدالة وتصويب الإختلالات ومنع التغول. وفي الوقت الذي تحترم فيه الحريات والتنافس والمكتسبات الخاصة وقوانين السوق والتجارة، فإنها تراقب القطاع الخاص وتعتبره المشغل الرئيس للعمالة والموارد البشرية، وأيضا تنمي القطاع العام وتوجه الموارد قدر الإمكان للإنفاق على الخدمات العامة من تعليم وصحة ونقل ورعاية اجتماعية وبنية تحتية، وتحقيق أفضل قدر من الرفاه للجميع، لكي يستطيع الأردن بدء عملية نمو وتنمية حقيقية وتحول اقتصادي اجتماعي.
من الجدير بالذكر هنا أنّ أكثر من ثلث البرلمان الأوروبي من أحزاب ديمقراطية اجتماعية، ومعظم الدول الأروبية تحكمها أحزاب ديمقراطية إجتماعية، حيث كانت هذه الدول الأقل تضررا في الأزمة العالمية في العقد الماضي، وأيضا في أزمة كورونا، فإن وجود هذا التيار ضرورة للدولة الأردنية ومصالحها في أوروبا والعالم.
ويجب على هذا التيار إحترام التيارات الأخرى وعدم شيطنتها واللجوء إلى أدوات الإستقطاب الحادة، لكي يستطيع الأردن بتياراته بدء عملية نمو وتنمية حقيقية وتحول اقتصادي اجتماعي.
قواعد التيار الديمقراطي الإجتماعي
القاعدة الاجتماعية أو المجتمعية التي يركز عليها التيار الديمقراطي الاجتماعي ويستهدفها هي الطبقة الوسطى والمهمشة من خلال خطاب سياسي اجتماعي يركز على تقليص الفجوة الطبقية وتطيبيق واضح لمفهوم العدالة الاجتماعية، فإنّ الفرصة كبيرة لإيجاد قدم كبيرة في الساحة السياسية، ويتطلب خريطة طريق واضحة وجدّية تأخذ بالاعتبار الجيل الجديد وثقافته وقدرة التيار والقوى والأطياف والشخصيات على الخروج من الذاتية إلى المصلحة العامة.
ويحتاج إلى استخدام أدوات الاتصال السياسي الحديثة وطرق "رصد الحوار الالكتروني" على المستوى الوطني باستخدام الذكاء الصناعي في تحليل القضايا والتحديات التي تعاني منها كل فئة من المجتمع، وتوصيل رسالة سياسية اقتصادية اجتماعية بمحتوى إعلامي رقمي يلامس حاجة الناس والحلول التي يريدونها ويتوقعوها من هذا التيار.
مستقبل التيار الديمقراطي الاجتماعي
إن تأطير الخطاب الديمقراطي الاجتماعي، وتحويله إلى لغة قريبة من الشارع، وقادرة على الانتقال من المضمون الأيديولوجي النخبوي إلى الثقافة الشعبية واجتراح نموذج أردني وطني محلي يراعي مطالب الناس ويحاكي همومهم، فمن الضروري لهذا التيار تحديد “تموضعه” في المشهد السياسي، فيما إذا كان يصنّف نفسه اليوم ضمن أروقة الحكم أو المعارضة التي تقدّم بدائل وحلول برامجية واقعية.
والهدف الأساسي هو بناء قواعد إجتماعية قوية تستطيع إيصال الحزب إلى البرلمان والحصول على مقاعد وازنة تؤهله للتأثير التدريجي في المجنمع وترسيخ خطابه وتمثيله للطبقة الوسطى والمهمشة الأكبر في المجتمع ومشاركته في تشكيل الحكومات.
إن أمام التيار الديمقراطي الاجتماعي السيناريوهات التالية:
1. أن تتجمع القوى والمجموعات المرتبطة بهذا الاتجاه في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ويذهب إلى مؤتمرموحد.
وفي هذا المؤتمر يذهب الكل سواسية فليس هناك عضو قديم أو جديد، أو قيادي أو عضو جديد، ويتم طرح ووضع كل موضوع على طاولة الحوار والتوافق على: الاسم، والشعار والبرنامج السياسي والنظام الداخلي وغيرها من الأهداف والبرامج.
2. أن تفشل هذه المحاولات ويبقى (حزبي التنمية والتحديث و الديمقراطي الاجتماعي ) ممثلين لهذا التيار، ووجود حزب آخر يدعي بتبنى هذا الفكر أو الخط، وتبقى المنافسة على القواعد الاجتماعية، وهذا يشتت تلك القواعد، ويشوش الخطاب الاعلامي والانتخابي لدى الناخبين، وبالتالي تضيع فرص الحصول على مقاعد وازنة في الانتخابات القادمة.
خلاصة
هناك فرصة لتحالف قوي وصلب ينأى عن الحسابات الضيقة والأنا والمصلحية الفردية لصالح العمل الجماعي ووجود مشروع سياسي قوي يمثل التيار الديمقراطي الاجتماعي، وفيما إذا كان تياراً متناغماً منسجماً موحداً أم سيستمر كجزر معزولة، وغير ذلك لن يكون قادرا على المنافسة انتخابيا مع الأحزاب الإسلامية أو المحافظة.