تحت النار .. مؤشرات التفاوض من جديد
صالح الشرّاب العبادي
12-12-2023 11:21 AM
بعد العملية الفاشلة التي قامت بها قوات النخبة الإسرائيلية المدربة تدريباً خاصاً على استخلاص الاسرى ، والتي تموهت باللباس المدني واستخدام سيارات الاسعاف وكانوا مددجين بجميع أنواع الأسلحة ، بعد أن تم تحديد مكانه ، الأمر الذي أدى الى قتل العديد من المهاجمين النخبة وكذلك قتل الاسير واسمه ساعر باروخ (25 عاما) ، حيث كانت تلك العملية الفاشلة رسالة قوية الى القيادات السياسية والعسكرية انه لا مجال لتحرير الاسرى إلا بالتفاوض ووقف عمليات القتال ووقف النار حيث ان تحقيق ادنى جزء من هدف من الاهداف المعلنة وهي تحرير الاسرى قد فشلت ، وكذلك كانت رسالة قوية الى المجتمع الاسرائيلي وخاصة عائلات الأسرى انه لا مجال لتحرير الأسرى إلا بوقف العمليات والبدء بالتفاوض .. من اجل زيادة الضغط على الحكومة المتطرفة الاسرائيلية بالانصياع إلى عين العقل بوقف الحرب ، وهي رسالة إلى أمريكا والداعمين لإسرائيل ان طول امد الحرب اصبحت بلا معنى وبلا اهداف محققة ملموسة على الارض ..
ومع تزايد اعداد القتلى من الضباط والجنود الاسرائيليين والتصريحات اليومية عن مزيد من القتلى وتزايد وتيرة عداد الاموات والإصابات يومياً والتوغل في مستنقع غزة بات يشكل قتلاً اكثر للعسكرين الاسرائيلين وتدميراً للدبابات والاليات الاسرائيلية، وصعوبة اخلاء الاصابات وانقاذ الاليات الأمر الذي يؤشر على البدء بمفاوضات التي ترفض المقاومة القبول بها إلا بوقف كامل للعمليات العسكرية ووقف إطلاق النار .
ان اقرار العالم باستخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة وخاصة قنابل الفسفور الابيض المحرم دولياً والذي اصبح العالم اخيراً يتحدث عنه ، متداولة في أخبارها ان اسرائيل من الممكن انها قامت باستخدام الفسفور الأبيض المحرم ، الأمر الذي سيعرضها إلى مسائلة جنائية دولية ، كان ذلك من احد الاسباب الرئيسية لتحول نظرة العالم وتحول الرأي العام العالمي ..
ان استمرار عمليات التطهير العرقي والقتل الجماعي والمذابح التي تقوم بها اسرائيل في غزة ومحاولة إسرائيل تقطيع القطاع إلى اجزاء محاولة بذلك السيطرة على ارض غزة ومحاولة التعامل مع كل جزء على حدا ، والعمل على التهجير القسري وحشر الفلسطينيين في غزة من اجل تحقيق اهدافها صعبة التحقيق والمنال والذي قوبل بالرفض القاطع من الدول العربية والدول العالمية كان له الأثر الكبير لتراجع إسرائيل عن عمليات التهجير القسري الخارجي ولكن لاتزال عمليات التهجير الداخلي مستمرة ، مما كان له موقف دولي عالمي برفض ذلك ورفض اقتطاع اي جزء من قطاع غزة ..
تتزايد الضغوط الدولية والتي اصبحت تنحاز بشكل واضح إلى عبثية استمرار العمليات والقتل الممنهج للمدنين في غزة ، وخاصة مع تزايد إشارات بامكانية اتساع رقعة الصراع وتهديد المصالح الغربية والدولية من احد الاسباب الرئيسية التي حدت بامريكا الإعلان عن خشيتها من انخفاض نسبة الانحياز لإسرائيل في حربها والتي انحازت بالفعل من جراء الضغوط الشعبية في العالم اجمع من اجل وقف العدوان على غزة ..
على الصعيد العسكري في غزة فان قوات المقاومة الفلسطينية في غزة لا زالت تقوم بعمليات دفاعية نوعية خاصة وتقاتل من بيت الى بيت ومن شارع إلى شارع مستخدمة كل امكانياتها الدفاعية ضد دبابات واليات ومشاة العدو الاسرائيلي .. وبالمقابل فان القوات الاسرائيلية المدججة بالأسلحة النوعية الأرضية والجوية والبحرية تقتل وتدمر بدون هوادة وتمييز بين المدنين والمقاومة ..محاولة السيطرة على جميع القطاع بمحاضرة مدته ومخيماته على طول شارع صلاح الدين ..حيث تحاول الان تقسيم القطاع إلى خمس مناطق رئيسية لسهولة التعامل معها وتطويقها ، مسابقة بذلك الزمن من اجل تحقيق ادنى نصر وهمي ولو نظرياً قبل الولوج بعمليات التفاوض ..
اخيراً ، هناك مؤشرات كثيرة وعديدة على عودة المفاوضات وعودة الوفود إلى قطر من اجل البدء بعمليات التفاوض والتي ستكون صعبة وشاقة والقبول بها لابد ان يفضي إلى وقف كامل للعمليات العسكرية مع تباين المواقف السياسية بين طرفي الحرب ، حيث يحاول الوسطاء الان بكل قوة لبدء المفاوضات والتوصل إلى تسوية وتسطيح المواقف المتناقضة، من اجل التقريب والتفاهم ، ومع كل تلك الجهود المتواصلة التي تبذل ، لا زال الخطاب الإسرائيلي .. جاف لا يتماهى مع تلك الجهود .