الاضراب عن العمل نصرة لغزة
اللواء المتقاعد مروان العمد
12-12-2023 10:14 AM
منذ يومين انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات للاضراب العام على مستوى العالم اجمع في يوم الاثنين الموافق 11 / 12 / 2023 ، بداعي التضامن مع قطاع غزة ، و مواطنيه ومناضليه ، وكانت الدعوة تشمل الاضراب بجميع نواحي الحياة ، من عمل ومعاملات، و البيع والشراء وفتح المحال ، وعدم استخدام بطاقات البنوك ، وعدم قيادة السيارات وحتى عدم الخروج من البيت ، وشملت بنوده ما لا يشمله العصيان المدني العام . وقد دار نقاش واسع على صفحات التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد ومعارض لهذا الإضراب .
وقد استند المؤيدين الى ان الهدف منه ايصال رسالة الى العالم اجمع باننا نقف مع قطاع غزة ، وللتأثير على الانظمة الحاكمة في مختلف الدول لدفعها لمساندة وقف اطلاق النار فيها من خلال التأثير على اوضاعها الاقتصادية ، وما يمكن ان يلحق بها من اضرار اذا لم تفعل ذلك . في حين ان المعارضين لهذا الاضراب كانت وجهة نظرهم انهم يفضلون ان تقوم به شعوب الدول التي تقف انظمتها الى جوار كيان العدوان وتسانده لدفعها لتغيير موقفها . وانا لا اريد ان اشكك بانصار وجهتي النظر هذه ولا دوافعهم . لانني اثق ان مواقفهم يحركها نصرتهم لغزة واهلها . ولكني لا اخفيكم انني اشكك في دوافع من زرع هذه البذرة ونشرها في العالم ، والتي قيل انه تقف وراءها مواطنة فلسطينية مقيمة في تركيا ، وان كنت اشكك في ذلك . ولكن من حقي ان اطرح سؤال واحد ،كيف من الممكن لمثل هذا الاضراب في الاردن ان يخدم غزة واهل غزة ، الاردن الذي وقف من اليوم الاول ملكاً ،وحكومة وشعبًا الى جانب غزة واهلها . فجلالة الملك المعظم جاب العالم ، وتحدث في كل موقع ومكان منتصرًا لهذه القضية وداعياً لوقف اطلاق النار ، وكذلك فعلت الحكومة الاردنية برئيسها ووزير خارجيتها على وجه الخصوص . وقام الاردن بارسال مستشفى ميدان ثان الى غزة . بالاضافة الى مستشفى ميدان الى نابلس . ليصبح للاردن خمسة مستشفيات ، ثلاث في الضفة الغربية واثنان في غزة ، اصبح احدهما مصدر العلاج الوحيد في شمال القطاع . وقام الاردن بتزويد هذه المستشفيات بحاجتها من الادوية والمستلزمات والاحتياجات . وقام سلاح الجو الاردني باربع عمليات انزال جوي لمستشفى الميدان غزة واحد ليقدم العلاج والدواء للاهل هناك ، في حين تقوم طائرات الاحتلال بانزال اطنان من الذخائر والقنابل والعتاد في قلب خان يونس ، لكي يستخدمها جيشه في قتل اهل غزة وتدمير منازلهم . بالاضافة الى عشرات الطائرات التي تحمل المستلزمات الطبية والغذائية التي ارسلت الى غزه عن طريق معبر رفح . وعشرات الشاحنات التي زودت مستشفيات الميدان في رام الله وجنين و نابلس بهذه المواد .
ويضاف الى ذلك الموقف البطولي للشعب الاردني بكافة فئاته وتوجهاته ، والذي هب هبة رجل واحد للتظاهر يومياً ، للاعلان عن استنكارهم للعدوان على غزة واعلان دعمهم لها . كما قامت الكثير من المؤسسات والافراد بتقديم الكثير من التبرعات للاهل هناك . وتماهياً مع موقف الشارع ، فقد استدعت الحكومة الاردنية سفيرها لدى دولة الاحتلال ، وطلبت من سفيرهم في عمان عدم العودة اليها.
واعلنت الحكومة انها لن توقع اتفاقية الماء مقابل الطاقة ، واوعزت باعادة دراسة اتفاقية الغاز معها . وبشكل عام فأنه لا يوجد اي مبرر لاعلان اضراب عام ليمثل نوع من الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات لدعم الاهل هناك . ولن يكون للاضراب من آثار الا ما قد يلحق الدولة والمؤسسات والمواطنين من اضرار .
كنت اتمنى ان تكون الدعوة في الاردن الى يوم عمل لمساندة غزة ، يتم خلاله تبرع كل صاحب راتب براتبه بهذا اليوم على الاقل لغزة . وان ندعوا المواطنين للتزود باحتياجاتهم من مواد غذائية وغيرها ، وان يرتادوا المحال والمتاجر والمولات مثلما يفعلون في ايام الخصومات السنوية ، على ان يكون مع الشراء في هذا اليوم تبرع بعشرة في المائة على الاقل من قيمة مشترياتهم لغزة ، وان يخصص اصحاب المهن والمحال والمصانع والبنوك وغيرها ارباحهم او دخلهم في هذا اليوم لقطاع غزة . اليس هذا اجدى وافضل من اعلان الاضراب العام والامتناع عن العمل . واليس هذا يمثل دعماً حقيقياً لقطاع غزة .
وعلى كل حال فأن التزام الغالبية العظمى من الاردنيين بهذا الاضراب بنية صادقة ، وعلى انه يمثل خدمة لقضية غزة ، لهو دليل على معدنهم الاصيل ، وعلى استعدادهم لعمل ما يمكنهم لنصرة الاهل هناك ، ولنعتبر ان التوقف عن العمل بهذا اليوم واثره السيئ على الاقتصاد ، انه يوم ثلجة الزمتنا منازلنا . ونصر الله غزة واهلها ، ونصر القضية الفلسطينية والفلسطينيين لتحقيق دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.