شارع طلال : "موديل" جديد للاحتجاج
د.مهند مبيضين
03-03-2011 04:31 AM
الشارع الممتد للجنوب الغربي من الجامع الحسيني، صار المكان الذي تتجلى فيه ظاهرة الاحتجاج في الأردن. هناك التمركز الاقتصادي والرمز للسوق الكبير، والسوق في قلب المدينة، يكون المكان الأكثر ارتيادا والأكثر تنوعاً، وهناك في الوسط "وسط البلد"، يتم تفصيل "موديل" الاحتجاج الذي يرفض وادي عربة، ويطالب بمحاسبة الفاسدين، ويندد بالعقيد القذافي ويصر على عروبة فلسطين، وهو مرشح لطرح جديد من الشعارات المطالبة بالإصلاح.
السوق وشارع طلال والساحة الهاشمية وشارع الوكالات والدوار الرابع وساحة جريدة الرأي وغيرها.. أضحت اليوم مجالاً عاماً للتعبير عن ظواهر اجتماعية واحتجاجية، شأنها الفعل والفاعل معا، وهي المجالات العامة للنقاش النقدي والسجال، وفي مثل هذا المجال العام يجري التشديد على اللغة والخطاب وتكوين الرأي والثقافة على حد تعبير "هابرماس".
المجال العام، سواء كان شارعا أو ساحة أو حديقة، ليس ضرباً واحداً، بل له مستويات. في شارع الوكالات، ثمة طبيعة برجوازية للمجال العام، وهذا المجال معرض للتهديد الدائم من قبل الطبقات الاجتماعية التي تستطيع الوصول إليه. ودوار عبدون كذلك، والنفق الأسفل منه الموصل إلى شرق عمان، سمح بوصول أبناء المجتمعات الأقل دخلاً بشكل يسير إلى مجال أعلى درجة، وهنا تبدو جليةً جدلية الضم والإقصاء والتهميش. ومع ذلك، يصبح للمجال العام تأثيره السياسي الجاذب، سواء كان برجوازياً أو عادياً في انتمائه، سواء كان أعلى أو أقل ترتيباً في المجتمع المعاصر. وهنا قد يصبح مكاناً ما في قرية نائية أو مدينة بعيدة عن المركز أكثر تأثيراً من الناحية السياسية في المجال العام من أي مكان آخر غارق بإضاءة العاصمة وترفها.
المهم اليوم أننا نشهد تطوراً جديداً في الحركة الاجتماعية الوطنية والعربية وحتى المحلية المفرطة في القرى والبلدان والمدن القصية. والملاحظ في مسار الاحتجاجات الراهنة، ارتقاء السياسي والاجتماعي على حساب الديني، فالأسعار وحقوق العمال ورفض السلام والنداء بإسقاط وادي عربة، هي الشعارات الغالبة التي ألغت شعار الإسلام هو الحل، أو تطبيق الشريعة، لكن الفاصل بين الخطابات التي جرت الجمعة الماضية كان دينياً، وذلك عبر التكبير، مما سيوفر للمجال العام عبر تكرار الصدى والنداء هيبة في الحضور والأداء.
بالعودة للسوق، أو شارع طلال، هناك تتلمس المدينة وجوه أبنائها الوافدين منذ زمن، أبناء المدن، والحرف القديمة ومتاجر السلاح، هناك يجد كل واحد مطلبه، وهناك التوافق بين البداوة والمدينة والفلاحة، وهذا ما يتطلبه قيام الدولة واستقرارها، وهناك تتجلى الديمقراطية التي جوهرها احتجاجات واعتصامات وعرائض وليست نهايتها مجلس نواب منتخبا.
mohannad.almubaidin@alghad.jo
الغد.