نريد من الحكومة ان تمتلك الشجاعة فتشكل هيئة لدراسة ملفات البيع التي تمت خلال السنوات الماضية ، وهل بيعت المقدرات بقيمتها الحقيقية ، ام بقيمة اقل ، وهل هناك دولارات من تحت الطاولة ، تم دفعها لهذا او ذاك؟.
ما ننتظره من الحكومة شجاعة غير مسبوقة بحيث تفتح ملف التخاصية ، وكل اسراره ، لنعرف ما الذي تم بيعه ، وبأي سعر ، وهل الاسعار كانت مناسبة ، ولماذا تم البيع اساساً ، وهل خسرنا ام ربحنا ، من سياسية "كل شيء للبيع" .
كل دول العالم تجلب استثمارات اجنبية ضمن شروط ، ابسطها الحفاظ على حقوق الشعب ، ضمن نسب معينة ، واقلها استفادة الشعب من هذه الاستثمارات والصفقات ، فيما نحن فتحنا البلد على كل الابواب تحت شعار "كل شيء للبيع" لمن يدفع اكثر.
سياسة مؤذية ، وتمس العصب الوطني للناس ، وبدلا من ان نستغرق اليوم ، بالتنديد فقط بأي صفقات محتملة جديدة ، علينا ان نعود الى الملفات القديمة ، وعلى الحكومة ان تشكل هيئة وطنية ذات قيمة ومحترمة لفتح هذا الملف على مصراعيه.
هل هناك صفقات يجري الاعداد لها بهدوء وقد نفاجأ بها في اي لحظة.سؤال مفرود بين يدي من يعرف الاجابة ، والسؤال على محمل البراءة؟،.
فوق سياسة البيع ، هناك سياسة التنزيلات والخصومات ، وهي كارثية بحق ، وتشي بأن بعض الصفقات المعلنة خلفها صفقات غير معلنة.
اذا كان الناس يقولون ان الوطن ليس للبيع وليس للايجار ، بالمعنى السياسي ، فانهم يقصدون قبل ذلك موارد البلد ومؤسساته وموارده ومقدراته واراضيه وعقاراته وشركاته الرابحة التي تم تقديمها على طبق من ذهب للتجار.
أليست هي مأساة حقاً ان نبيع مواردنا وممتلكاتنا ومؤسساتنا واراضينا ، وندفن مواردنا الاخرى كالماء والنحاس واليورانيوم والصخر الزيتي ، دون استثمار ، ثم نترك الفساد ينخر مؤسسات اخرى ويكبدها خسائر بمئات الملايين.
هي مأساة حقا.الوطن كريم واغناه الله من فضله ، وليس فقيراً ، لكنه تعرض لحملة افقار فبيعت موارده ، ودفنت موارد اخرى ، فيما الفساد نزل كالجراد على المزارع المتبقية.
لا نلوم شعبنا اذاً في شقه لملابسه من فرط الجوع والحاجة ، والذي لا يجد رغيفاً لابنه ، ولا يجد قسط الجامعة لابنته ، او يتشرد في اصقاع الدنيا بحثاً عن لقمة الخبز ، سيدب في صدره الضيق والقلق والارتياب.
يريدونه وطناً للبيع ، ونريده وطناً كريما ليبقى ويحيا ، وما بيننا وبينهم ، هو فيصل واحد يقول ان من اغناهم الله لا يجوز افقارهم ، وان من جاد عليهم ربهم لا يجوز ايقافهم في طوابير المساعدات والمؤن والطرود والاستدعاءات واحلام المستقبل الوردية.
اشبعناكم لطماً ، وفزتم بالابل ، وقد آن اوان رد الابل الى اهل وطن ليس للبيع.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)