من سيرغم الحرب أن تضع أوزارها؟
د. نضال القطامين
10-12-2023 10:03 PM
في منتصف المواقف التي تنجب الخيبات والقنوط، يدشّن الهمج شهرهم الثالث، مقترفين هتكاً سافراً لأستار المبادىء الزائفة الرديئة، مقدمين للعالم مثلاً سافلاً رذيلا في ركل المبادىء والدوس عليها.
تستمر آلة القتل مسنودة إلى جدارٍ من الصلف تتربع عليه دولتان مارقتان تريان البطش والسحق والفتك بنوداً أساسية في حقوق الإنسان، ترفدهم حثالات سياسية، اتخذت الدم والأجساد سلّما للغنائم الوضيعة.
يملك الكيان الغاصب قدرات عسكرية، وجيش يتباهى به، لكنه كيان تتداخل في بنيانه أشلاء الأجساد وركام القرى، حيث تتناسل الشياطين على طول المدن المغتصبة ويتكاثر مصاصو الدماء، وحيث يصلّي زعماء الدم والجريمة في الليكود ومن والاهم، لتوراتهم الزائفة الموضوعة، التي ترى حقاً لإسرائيل في كامل أرضها "التاريخية".
هناك في السبخات التي تفرّخ المجرمين، حيث تنتفي أصوات الحكمة والرشد، وحيث يتم اقتياد اوروبا ودول العالم المتحضر، طوعا وكرها، للمساهمة في تشكيل الرؤية المجرمة وسلب هذه الدول تاريخها العريق الذي تكوّن عبر ملايين الضحايا.
بعد أن أوغلت آلة الإعلام في التدليس، لتمنح العالم الأعمى مسوغات عارية لبدء مسلسل التهجير ولتستحيل المسألة كلها إلى صراع وجود، لا نتساءل في منتصف هذا البطش وهذه الإبادة عن أدوار أوروبا قبل أن ننفجر غضبا على العرب، أولئك الذين تغوص رؤوسهم في الرمال بينما تتقاذف أجسادهم أقدام المغول والهمج.
ونتساءل من بين أمواج مشاعر الغضب، عن الساسة العرب والوزراء العرب وعن قادة الجيوش العرب الملأى صدورهم بالنياشين، حيال صمتهم المريب وموافقتهم على استمرار نهج الإبادة، ثم ننصرف عن هذا التساؤل ونغض الطرف عنه، حين يبدو أننا لا نسمع أحياء، وأن الناس في وسط هذا الذل والصغار، صنفان: موتى في حياتهم ... وآخرون ببطن الأرض أحياء...!
في منتصف حروب الإبادة التي تشنها قوى الشرور على عرق العرب والإسلام، في سياق الموقف العربي الواهن، حيث تستسلم الحشود للأمر الواقع وحيث بعض الأنظمة التي لا تملك من أمرها شيئا، فتصدّق رواية المجرم بعينين ملؤهما الرمل وتتعامى عن رؤية الضحية أشلاء، لتكرّس نهجاً يطعن عرى الأخوّة والعروبة والدين في الظهر.
في منتصف ذلك، بودّنا أن نرى أساتذة الجامعات ومراكز البحث العلمي وأساتذة السياسة وجهابذتها، يروون للعالم تاريخ الصهيونية وأطماع الكيان المصطنع وحجج احتلالهم الغاشم، ونفتح أعيننا وعقولنا لوقف مد الإعلام الصهيوني الجارف، وهو يسوّق أسباباً كاذبة عن مبررات القتل، ويمنح العالم الأكمه مشاهد تبرر أكبر حملات إبادة عرفها التاريخ.
لا حلول في الأفق، قادة العالم غارقون في مبررات الدجل التي بلعوها مكرهين، لا حلول اليوم، سوى استصراخ شرفاء الشعوب الذين يستعدوا لإضراب عالمي، تصل فيه صرخات الشهداء والجرحى والمشردين، إضرابٍ يقف بقوة الكلمة والموقف في وجه آلات القتل المشرّعة زورا وبهتانا، جورا وظلما.
لا حلول اليوم سوى ايجاد وسائل تجعل العالم يرى ويسمع جرائم النازيين، حيث يتحتم على كل الذين يرون الحياة موقف وكلمة، التوجه في محتواهم في وسائل الإعلام الإلكترونية وغيرها نحو الشعوب الشريفة، تلك التي ستقرر كلماتها ومواقفها مصير هذه الحرب ومآلاتها.
تلك هي المتاح من السبل، حيث ينصاع الساسة لصوت الشعوب ويرغموا للوقوف على أسباب الصراع ووضع حلول له…