هذا السؤال الذي كانت تسأله الطفلة الغزّاوية الناجية من تحت الأنقاض للطبيب الذي يضمد جراحها، "عمو هاد حلم ولا بجد؟" فيخبرها الطبيب أنت بخير يا عمو، فترد أعلم أني بخير لكن أريد أن أسألك الذي يحدث حلم أم حقيقة؟
والله يا صغيرتي نحن نسأل هذا السؤال منذ ما يزيد عن ستين يوماً، هل هذا حلم أم حقيقة؟
مجازر برعاية دولية في القرن الواحد والعشرين وعلى مرأى من العالم أجمع , حلم أم حقيقة ؟!
قصف وحشيّ للمستشفيات والمدارس والأحياء ونحن نشاهد من خلف الشاشات فنسأل هل هذا حلم أم حقيقة؟
نتابع الإبادة الجماعية لشعب أعزل ونراقب اخراج الجثث والأشلاء من تحت الأنقاض وصرخات المكلومين والموجوعين والمصابين ونحن نسأل هل هذا حلم أم حقيقة؟
نشاهد تعداد الشهداء والمصابين , والمفقودين تحت الأنقاض بالآلاف مثل العدّاد يرتفع باليوم الواحد عشرات بل مئات الدرجات وكأنهم محض أرقام وما زلنا نسأل يا صغيرتي أهذه حقيقة أم أضغاث أحلام ؟
نرى البوارج والأسلحة والطائرات والقنابل والمقاتلين تأتي لتناصر المحتل والظالم في حربه البربرية والوحشية على شعب أعزل من دول شقيقة وصديقة , متحضرة وديمقراطية دول تؤمن بالعدالة والمساواة وحق الشعوب في تقرير المصير فنفرك عيوننا لنتأكد هل هذا حلم أو حقيقة؟
تقدم العديد من الحكومات التي تدعم الكيان المحتل الغاصب الهمجي قاتل الأبرياء , كل ما يحتاجه لسفك الدماء وتدمير غزة وتعطيه الغطاء والمبررات في حقه في الدفاع عن نفسه أمام الأطفال الخدّج , ولم يستطع العرب يا صغيرتي أن يقدموا لشعب يجمعهم معه دين وعروبة ولغة وحضارة وماضٍ ومستقبل ونسب وصهر ودم , ما يسد جوعهم و يدفىء بردهم ويجبر كسرهم , وما زلنا نتساءل هل هذا حقيقة ؟
تعقد المؤتمرات يا صغيرتي وغزة تحت القصف بأسلحة محرمة دولياً , ويبقى المحرم فعلاً أن يدان القاتل , أو أن يخرج المؤتمرون بقرار يلزم الجيش المعتدي الغدّار أن يوقف قتل الأبرياء والدمار فهل يمكن أن نصدق أنها حقيقة أم مجرد خيال ؟
كل منظمات حقوق المرأة والطفل والانسان والحيوان والبيئة والمناخ وكل المنظمات التي نعرفها والتي لا نريد أن نعرفها لم تستطع أن توصل قطرة حليب للأطفال الجوعى ولا خيمة للآجئين المهجرين للمرة الثانية أو الثالثة لا يهم فالعالم لم يعد يكترث ,ولم يُصدر الكثير منهم حتى بيان واحد (وهو أضعف الايمان) يدين المجازر خوفاً من اتهامهم من قبل الصهاينة وداعمها وشيطانها الأكبر برعاية الإرهاب فهل يمكن أن نصدق يا حبيبتي أنه ليس حلماً ؟
عندما تقرر الكثير من الدول الديمقراطية !! أن تكمم الأفواه وتستصدر قوانين لإدانة كل من يقف ضد الاحتلال و الحرب والظلم وقتل الأبرياء , وتهددهم بالسجن أو سحب الجنسية أو الترحيل , عندما تكون الدول التي ترعى الإرهاب هي التي تضع القوائم والتصنيفات للمنظمات والدول والتنظيمات والأشخاص وتحدد من هو الإرهابي , نكون يا صغيرتي نعيش كابوساً حقيقياً وواقعاً بشعاً ظالماً لا يؤمن لا بحق ولا عدل ولا حقوق انسان عالم مزيف لا يؤمن إلا بالقوة والمصلحة والقتل والدمار.
سامحينا يا صغيرتي.. صدقاً نحن لا نملك الجواب.