تذهب بعض الاصوات الى تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يحدث داخل قطاع غزة على مدار شهرين واكثر من حرب ابادة بشعة وتطهير عرقي غير مسبوق يقوم بها جيش الكيان الصهيوني الغاشم من قتل وتدمير وتهجير وجرائم حرب ضد الاطفال و النساء والمسنين وكل المدنيين هناك.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الواقع، كيف كان المشهد عشية السابع من اكتوبر؟؟؟ وقبل ان تقوم فصائل المقاومة الفلسطينية باطلاق عملية طوفان الاقصى التي كانت شرارة الحرب الدائرة رحاها الان هناك.
الغريب في الامر ان الجميع يعلم حجم الظلم الذي يقع على كاهل الشعب الفلسطيني على مدار ما يزيد عن خمسة وسبعين عاما من قبل عصابات الاجرام الصهيوني - التي تدعي انها دولة – فالدول لا تفعل ما فعلته اسرائيل طوال عقود مضت فكيف للبعض ان يلوم الضحية ويغفل عما صنعه الجلاد.
وحتى نكون اكثر موضوعية وانصافا ، يجب ان نتفق بان الصراع لم يبدا بتاريخ السابع من اكتوبر وهذا يجعلنا وبكل موضوعية نتفق ان حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي تقره الشرعية الدولية وميثاق الامم المتحدة وكل الاتفاقيات والمؤسسات و المنظمات الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان هو حق اصيل للشعب الفلسطيني كغيره من شعوب الارض، فلماذا نلوم على الفلسطينيين حقهم في النضال من اجل اقامة دولتهم وحقهم في العيش بحرية وامان وسلام.
وعود على بدء وسؤالنا المحوري هنا، كيف كان المشهد في قطاع غزة والضفة الغربية عشية طوفان الاقصى؟ الم تكن سياسة الاقتحامات والاغتيالات والاعتقال الاداري للاطفال والنساء والمقاومين هي السياسة المثلى لدولة الكيان الصهيوني في التعامل والتعاطي مع كامل سكان الضفة الغربية في المدن والقرى والمخيمات، الم يعتدوا على النساء في شوارع القدس القديمة، الم يعيثوا فسادا داخل اروقة المسجد الاقصى وهم يعلمون قدسية هذا المسجد عند قرابة ملياري مسلم، الم يمارسوا ابشع صور الظلم تجاه اهالي حي الشيخ جراح وجنين ومخيمها ونابلس وقراها وكل بقعة داخل الضفة الغربية.
الم يختطفوا اكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة عبر حصار امتد لاكثر من سبعة عشر عاما حتى ذهب كثيرون لاعتبار القطاع في ظل الحصار انه اكبر سجن في العالم، حصار خاضوا خلاله اربعة حروب مع الكيان الصهيوني الذي كان يصب المتفجرات على رؤوسهم بالاطنان ويهدم بيوتهم ويدمر مؤسساتهم وبنيتهم التحتية ويمارس سياسة الاغتيالات والتصفية تجاه ابناء القطاع.
كل هذه الجرائم مارسها الكيان الصهيوني ضد شعب جله ارتضى وقبل بالسلام خيار له منذ اوسلو ومنذ قبل بالسلطة الفلسطينية كنواة لدولة لهم على حدود الرابع من حزيران 1967 ، ورغم كل ما ابداه الفلسطينيون من حسن نوايا لقبول السلام كخيار استراتيجي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة ياسر عرفات في حينه الا انهم لم يهنأوا بهذا السلام ولم يحققوا الحد الادنى من حلمهم بأن يكون لهم دولة على ارضهم .
وحتى تكتمل الصورة يجب علينا الاطلاع على المشهد عشية السابع من اكتوبر في تل ابيب من الذي كان يرسم المشهد السياسي هناك ؟؟ اليست تلك الحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير و بتسلإيل سموتريتش اصحاب الطروحات الشوفينية النازية المتطرفة التي لا تعترف باي حق للفلسطينيين بالعيش بسلام، بل انهم لا يعترفون بفلسطين اصلا ويشطبونها من كل ادبياتهم وتصريحاتهم وتوجهاتهم ومخططاتهم وبالتالي لا مكان لحل الدولتين في اجنداتهم بل ان التهجير وافراغ فلسطين باكملها هو هدفهم الحقيقي وغايتهم، وممارساتهم الان في غزة تؤكد ذلك.
وهي الحكومة التي شكلتها منذ عام كتلة الأحزاب اليمينية، المعروفة في إسرائيل باسم (المعسكر الوطني) والتي وُصفت بأنها أكثر الحكومات يمينية في تاريخ الكيان الصهيوني، اضافة الى انها الحكومة الأكثر تديناً في إسرائيل، حيث كان من ابرو اولوياتها توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، والنظر في سياسة ضم الضفة الغربية ذاتها الى اراضي دولتهم.
لقد ترجمت هذه الحكومة اليمينية المتطرفة قناعات اعضائها ومخططات الاحزاب الدينية التي شكلت ائتلافها عبر جملة من القرارات التي تعزز رغبتها في تنفيذ المشروع الصهيوني الحاضر دوما في اذهان كل الصهاينة في توسيع رقعة دولتهم على حساب شعوب المنطقة، بدءا بتفريغ فلسطين التاريخية من اهلها، وما يحدث في غزة ما هو الا دليل قطعي على ما يفكر به هؤلاء المجرمون.
على هذا الوقع جاءت عملية السابع من اكتوبر وفي ظل هذا الواقع انطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الاقصى، بعد كل ما قلناه هل ستخرج اصوات تلوم المظلوم ان اراد رد الظلم عن نفسه.