ما وراء الندية السياسية بين مصر وإسرائيل خلال الساعات الماضية؟
معتز خليل
08-12-2023 01:44 PM
شهدت الساعات الأخيرة جدالا واسعا في أروقة العلاقات المصرية الإسرائيلية، وهو الجدال الذي وصل إلى مرحلة دقيقة مع تصريح وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي بتصريحات وصفت بأنها "شديدة اللهجة" رأى البعض إنها تمثل "رسالة تحذيرية مباشرة لإسرائيل". بحسب تحليلات وتقديرات استراتيجية.
وقال زكي:
1- إن التصعيد العسكري غير المحسوب يهدف لفرض واقع على الأرض هدفه تصفية القضية الفلسطينية
2- لا بد للسلام من قوة تحميه وتؤمّن استمراره
3- العالم اليوم ليس فيه مكان للضعفاء
4- نؤمن بأن امتلاك القوة الرشيدة هو الضمان لاستمرار السلام".
تصريحات زكي جاءت خلال افتتاح معرض "إيديكس 2023" بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو ما يزيد من دقة هذه التصريحات الغير اعتيادية من وزير دفاع لمصر خاصة منذ عام ٢٠١٣ مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لمسؤولية السلطة في البلاد.
من بعد هذه التصريحات وقعت حادثتين مهمتين على الساحة ، الأولى نشرها بارك رافيد في موقع أكسيوس من أن مصر حذرت الولايات المتحدة وإسرائيل من ان نزوح الفلسطينيين إلي سيناء نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة قد يؤدي إلى تمزق العلاقات بين مصر وإسرائيل، واعتمد رافيد على تصريحات خاصة منحها له أربعة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين شهدوا ذه الرسالة.
رافيد قال أيضا إن المصريين أبلغوا إسرائيل أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يخلق أزمة خطيرة في العلاقات بين مصر وإسرائيل، فيما قال مسؤول أمريكي أن المسؤولين المصريين حذروا من "قطيعة" مع إسرائيل إذا حدث ذلك.
الثانية وهي وصول معلومات إلى القاهرة مصدرها إسرائيل من أن قيادات حركة حماس أبلغت عدد من قيادات المجتمع الفلسطيني في غزة بضرورة وحتمية التوجه جنوبا إلى منطقة الحدود المصرية الإسرائيلية ، خاصة مع:
1- تواصل الضربات القوية لإسرائيل ضد حركة حماس
2- القبض على عدد من قيادات المقاومة وأذرعها الإعلامية مع انهيار الكثير من الحصون التابعة لحماس داخل القطاع
3- البدء في غمر الأنفاق التي دشنتها حركة حماس تحت الأرض بالمياه ، وهو ما يعني استراتيجيا بداية النهاية للمعركة.
4- تصريح القيادي في حركة حماس اسامة حمدان على قناة الجزيرة من أن التهجير لا يلغي القضية وان سيناء ستكون قاعدة لترسيخ المقاومة الفلسطينية
ما هي خطورة ما يجري على الأرض بين مصر وإسرائيل؟ .
تمتلك مصر أربع أجهزة أمنية رئيسية وهي :
1- جهاز المخابرات العامة
2- جهاز المخابرات العسكرية
3- جهاز الأمن الوطني
4- مؤسسة الرئاسة أو مكتب الرئيس
فيما تمتلك إسرائيل:
1- جهاز الموساد
2- جهاز الشاباك
3- جهاز المخابرات العسكرية
4- مجلس الأمن القومي
وتتشعب العلاقة الذاتية بين الأربع أجهزة في الدولتين مع صعود وهبوط مسار العلاقات المصرية الإسرائيلية ، مع ثبات العلاقة القوية بين جهاز المخابرات العامة المصري وجهاز شاباك الذي يحظ بتقدير وتعاون مع مصر مع الملفات الأمنية التي يمتلكها وتهم مصر بالطبع.
حرب غزة
ومنذ الحرب الإسرائيلية على غزة ومن قبلها الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية على حركة حماس في السابع من أكتوبر وهناك برودة في العلاقات المصرية الإسرائيلية ، وهو ما أنتهي للحديث مصريا عن إمكانية الغاء معاهدة السلام بين البلدين ، بل واستخدام لغة تصعيدية صادرة من قيادات عسكرية مصرية لم تعتاد في السابق الهجوم على إسرائيل.
وفي هذا الصدد يمكن القول بأن التباين المصري الإسرائيلي تجلى مع :
أ- القواعد الإسرائيلية الصارمة لإدخال المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة
ب- ضرب إسرائيل لنقطة حدودية عبر معبر رفح من الجانب المصري في أول أيام العملية العسكرية على غزة
ت- اتفاق إسرائيل والإمارات على تدشين خط تجاري بري صحراوي بدلا من قناة السويس يمر بالسعودية والأردن في ظل التوتر الشديد الذي يسيطر على منطقة القناة مع الهجمات الحوثية المتواصلة على سفن الشحن العالمية القادمة من منطقة قناة السويس المصرية.
دقة التوقيت
من الواضح أن ما يمكن وصفه بالخلاف أو الندية في العلاقات المصرية الإسرائيلية حصل في وقت دقيق للغاية للمصريين تحديدا ممن يواجهون:
أ- أزمة اقتصادية صعبة في ظل تواصل تداعيات الحرب في غزة أو الحرب في أوكرانيا على الوضع الاقتصادي
ب- تدهور الوضع الاقتصادي وفقا لتصنيفات المؤسسات الاقتصادية الدولية
ت- قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشح للانتخابات وسط مرشحين ربما لم يسمع المواطن العادي في الشارع المصري عنهم كثيرا .
وكان الموقف في إسرائيل أيضا لا يقل سخونة من حيث:
أ- تصاعد حدة الأزمة السياسي الناجمة عن طرح قانون الإصلاح القضائي
ب- حديث عن فشل المنظومة الأمنية في التصدي للعمليات الأمنية لعناصر المقاومة في الضفة الغربية
من هنا كان توقيت العملية الذي جرى في السابع من أكتوبر ولا تزال تداعياته ماثلة حتى الآن.
تقدير استراتيجي
العلاقة بين مصر وإسرائيل في النهاية تمثل ما يمكن وصفه بالقدر المحتوم ، حيث لا يمكن لمصر أن تستغني أمنيا عن إسرائيل ، ولا يمكن لإسرائيل أيضا الاستغناء أمنيا عن مصر ، ولهذا تسعى الأخيرة دوما إلى وجود حركة أو شخصيات أو منظمات تتعامل بعداء مع إسرائيل ولها علاقات طيبة معها ، من أجل استغلال ورقتها السياسية في التأثير على إسرائيل ، وهو ما يتضح تعاون مصر مع حماس بل ودعمها في كثير من الأوقات من أجل حصد نقاط ضد إسرائيل تفيد الواقع الاستراتيجي المصري ، وهي مهمة ستكون صعبة لإيجاد كيان بديل خاصة وأن العالم حاليا بات شريكا في رؤية مستقبل غزة بعد حماس .