تمكن شعب فيتنام الفقير، من هزيمة الإمبراطوريات الفرنسية واليابانية والأميركية، في ثلاث مواجهات مريرة قاسية دامية منفصلة، امتدت من الأعوام 1905 إلى 1973.
ما كان للمقاومة الفيتنامية الأسطورية، بقيادة الرجل الضئيل هو تشي منه، والجنرال جياب، ان تنتصر، لولا جملة من العوامل الاستراتيجية الحاسمة، وأولها وحدة الشعب الفيتنامي الوطنية. ووقوفه خلف برنامج المقاومة فادح الثمن. وسيطرة قيادة الحزب الشيوعي الفيتنامي على كل مفاصل الحياة. والأهم، توفر قاعدة إمدادات هائلة من دول مجاورة ودول حليفة هي الصين والاتحاد السوفياتي.
ما انجزته حركة حماس كان ضخماً وهائلاً ومؤثراً، وقبل كل ذلك، جاء مُلهٍماً. وسيحين الوقت بعد صمت المدافع، إلى تقييم هذه المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية الكبرى، التي تقع في سياق مواجهات كبرى وقعت وستقع لا محالة، إلى أن يولي المحتلون الأدبار، كما كنستهم غزة عام 2005.
ثمة اختلالات استراتيجية واضحة، في المواجهات التي تمت مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، يمكن استخلاصها مما اوردته أعلاه من أسباب النصر الفيتنامي على الامبراطوريات الثلاث.
لقد حقق الشعب الفيتنامي نصراً يعتبر أمثولةً وأعجوبة، تستنبط منه حركاتُ المقاومة في مختلف ارجاء العالم، الدروسَ المفيدة الكبرى، وأولها معجزة متاهات الأَنفاق الفيتنامية المذهلة.
وثانيها ان قضايا الحرية والاستقلال جميعها قد انتصرت انتصاراً كاسحاً، بعد ان قدمت تضحيات لا تعَد ولا تحصى.
لقد تحولت قضية كفاح شعب فيتنام، من حركة تحرر وطني، إلى حركة تحرر عالمية، بفعل التفاف شرفاء العالم حولها، ودعمها في كل المحافل وبكل الوسائل، وعلى رأسها دعم الشعب الأميركي الكاسح لقضية فيتنام ورفض العدوان والحرب.
لقد ظلت قضية الشعب العربي الفلسطيني العادلة، وكفاحه الباسل الضاري من أجل الحرية والاستقلال، قضية تحرر وطني، ساهمت فيها ودعمتها حركات التحرر وشرفاء العالم.
اليوم، تصبح قضية الشعب العربي الفلسطيني، قضية أحرار العالم بلا منازع، وقضيةً في حجم وقوة القضية الفيتنامية، تحظى بتأييد أممي كاسح، منفصل عن مواقف الحكومات الممالئة للعداونية الصهيونية التوسعية.
لا يزال الوقت مبكراً للاستخلاصات العلمية التي تصب في مجرى نضال شعب الجبارين ومسيرته الطويلة الظافرة.
الدستور