التاريخ الحقيقي للسابع من أكتوبر 2023
د.حسام العتوم
06-12-2023 01:17 PM
تروج ماكنة إعلام الصهيونية العالمية في كل العالم على أن حماس – الإرهابية حسب تصنيفهم والذي انسحب لينتشر في دول الغرب الأمريكي التي تمثل حلف (الناتو) وأحادية القطب المتغولة على أركان العالم ، والمرتكزة على الدولار الى جانب اليورو اللذين يطبعان من دون مصادر طبيعية بعكس الروبل الروسي والين الصيني مثلا ، هي من بدأت الهجوم والإجتياح لإسرائيل - المستوطنات والمعسكرات- بتاريخ 7 / أكتوبر / 2023، متناسية بأن حماس الأيدولوجيا وحركة التحرر العربية الإسلامية الباسلة المناهضة للإحتلال الإسرائيلي هي التي تأسست عام 1988 تحت إسم (المرابطون على أرض الإسراء) وعرفت بحماس التي ارتبطت بالإخوان المسلمين بداية وعدلت ميثاقها عام 2017 لتصبح مستقلة تعترف بفلسطين عربية من النهر الى البحر، وبالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، بينما يطالب الخطاب العربي المعاصر بنشر السلام من النهر الى البحر بوجود دولتين إسرائيلية وعربية – فلسطينية ، وهو ما ترفضه (إسرائيل)، وقدمت عليه العنف والقتل عن قصد لأهل فلسطين – أهلنا ، وهو ما نشاهده اليوم في قطاع غزة المنكوب والذي يشهد عمل فدائي بطولي ذات الوقت .
وتستثمر ( إسرائيل ) الدعاية الإعلامية الصهيونية لتقنع العالم بأن من بدأ الحرب في غزة مثل حماس يتحمل وزر رقم شهداء فلسطين الذي يقترب من 16 عشر ألف انسان نصفهم من الأطفال وغيرهم بين حي وميت تحت الأنقاض، متناسين بأنها جريمة حرب كبرى لم يشهدها تاريخ القضية الفلسطينية العادلة منذ اندلاعها عام 1948، والجريمة الأخرى هي محاولة تهجير الفلسطينيين الى سيناء مصر وإلى الأردن ، وهو ما تصدى له كليهما بقوة وشجاعة وعبر التنسيق السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري المشترك ، وجاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي في أزمة غزة الدموية متوازناً وسط مشهد لدول الطوق العربية المطلة على ( إسرائيل ) توزع بين مناوشات لحزب الله وضربات جوية لدمشق ، وحراك حوثي ، لكنه هام في عمق البحر الأحمر يساند أهل فلسطين جراء اللإنقضاض الوحشي واللإجرامي لإسرائيل . فمن بدأ الحرب في غزة حماس أم ( إسرائيل ) ؟ التاريخ المعاصر يجيبكم وبالأدلة الدامغة ، كيف ؟ وما هي؟
فتح حركة التحرر الفلسطينية التي ظهرت في الكويت عام 1965 على يد ياسر عرفات ، وتحولت بعد اتفاقية أوسلو عام 1993 وتحديدا عام 1994 الى سلطة نشاهدها الآن تصافح وزير خارجية أمريكا بلينكين ، رغم أن كل الفصائل الفلسطينية تمثلهم القضية الفلسطينية الواحدة العادلة، وتعترف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وتنادي بتجميد الإستيطان ، وحماس التي تأسست متأخرة تختلف في أيدولوجيتها عن فتح فتعتبر بأن فلسطين هي من النهر الى البحر ، وعدلت ميثاقها عام 2017 فأعترفت بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية مع تجميد الإستيطان ، وتطالب بحق العودة بوضوح ، واحتفظت لنفسها بالإعتراف بكل فلسطين للفلسطينيين، وعينها في عمق الزمن المعاصر على قرار تقسيم فلسطين المجحف عام 1947 الذى عمل على ترسيخ دولة عبرية تستقبل يهود العالم خاصة الشاردين منهم من محرقة الهلوكوست التي وجهها أودلف هتلر ليس لليهود فقط قبل عام 1945 وإنما للسوفييت وأوروبا ولشعوب العالم.
ورغم أن قرار التقسيم عرض على العرب دولة، أي فلسطينية ، ورفضها العرب حينها لقدسية فلسطين ، واتخذت ( إسرائيل ) بعد احتلالها لفلسطين عام 1967 سياسة عدوانية تمثلت بعدم الإعتراف بالدولة الفلسطينية للفلسطينيين عبر اتباع سياسة التهجير والقتل المتعمد للمدنيين الفلسطينيين، وحرب غزة 2023 أثبتت استهداف ( إسرائيل ) وبعقلية الحاقد لأهل فلسطين وبنسبة مئوية مقدراها 99% مقابل استهداف حماس بنسبة 1% ، وأمريكا التي هي أشد خطورة على الفلسطينيين والعرب تساند ( إسرائيل ) المحتلة علنا ، وتجر خلفها أوروبا واليابان والعديد من الدول التي تقيم علاقات صداقة معها. وهاهي ( إسرائيل ) وبمعاونة الغرب تقتل من الفلسطينيين يوميا بحدود مائة منهم بدم بارد ومن دون تحمل مسؤولية أمام القانون الدولي، والمعروف بأنها وأمريكا تحديدا تتصرفان فوق القانون الدولي جهارا نهارا ولا رادع لهما . وتصريح وزير دفاع أمريكا - الأسمر المرعب – لويد أوستن مؤخرا بأن بلاده لا تسمح لحماس بأن تنتصر ماهو إلا دليلاً دامغاً على مهزلة القطب الواحد والتدخل السافر في قضايا الشعوب.
وبالمناسبة فإن لجنة الأمم المتحدة unscep لحل النزاع العربي الإسرائيلي عام 1947 قضت بإقامة دولتين ، يهودية مساحتها 55% من مساحة فلسطين بموافقة 33 دولة ورفض 13 دولة وامتناع 10 دول ، ومع ذلك نجد بأن حماس كما فتح وغيرهم من التنظيمات الفلسطينية قبلوا بالعرض القائم ، وأبقوا الباب مواربا فيما يتعلق بفلسطين التاريخية التي تعادل الضمير والوجدان العربي ، وما يهمنا هنا هي الحرب الثالثة الإسرائيلية – العربية (1948/ 1956 / 1967) ، فلقد خطط لها القوميون العرب تحت شعار " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " ، وهو الشعار الذي أطلقه حينها تحديدا جمال عبد الناصر ، وبسبب غياب الوحدة الحقيقية والإستخبار وقوة النار المطلوبة ، ولوقوف الغرب الدائم الى جانب ( إسرائيل ) تفاقمت خسائر العرب ، وهو الأمر الذي حذر منه الزعيم الأردني الوطني والقومي العربي الشهيد وصفي التل ، وتوقع خسارة حجمها أكبر من البشر ، فخسر العرب جنوب لبنان والجولان وسيناء والضفة الغربية وغزة ، والباقورة عام 1950. عاد منها بقوة السلام سيناء عام 1979 والباقورة والغمر عام 2019 بجهد مباشر لجلالة الملك عبد الله الثاني من وسط فكي معاهدة السلام لعام 1994.
وفي عام 1968 اصطدم الجيش الإسرائيلي مع الفدائيين الفلسطينيين خاصة في منطقة " بيت فوريك " قرب نابلس بتاريخ 7/ 12 / 1967، وطور حراكه بعد تخوفه من اسناد الأردن لأهل فلسطين ، واصطدم مع قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة في معركة " الكرامة " بتاريخ 21 / أذار / 1968 التي أطلق عليها قائدها الميداني الجنرال الأردني مشهور حديثة الجازي معركة الخندق الواحد ، فكان النصر فريدا من نوعه وساحقا . ، والآن بسبب تصاعد حرب غزة بعد الهدنة الأخيرة إن لم يتم لجم الهيجان الإسرائيلي المسنود بالعسكرة واللوجستيا الأمريكية والغربية ، فإن تجدد " الكرامة مرة أخرى من الإحتمالات الورادة بعيدة المدى ، والجانب الأردني يتصدى للتهجير القسري بقوة تماما كما الأشقاء المصريين .
ولقد شارك الأردن الى جانب مصر وسوريا والعراق في حرب تشرين لعام 1973 بهدف تحرير الأرض العربية ، وانتصر العرب فيها وتمكنوا من تحرير مدينة القنيطرة الجولانية ، وفي عامي 1979 و1994 وقعت مصر ووقع الأردن بدايات سلام الند للند ، وعبرت المنطقة من وسط اتفاقية " أوسلو " عام 1993 بعد الإرتكاز على قمة العرب في الرباط ، وفك الإرتباط القانوني والإداري بين الأردن وضفة فلسطين الغربية ، وبنتيجة انفردت فيها ( إسرائيل ) بفلسطين ، وأصبح الفلسطينيون وجها لوجه مع ( إسرائيل ) وتوالت الإعتداءات الإسرائيلية عليهم حتى بعد هروب أرئيل شارون من غزة عام 2005 ، ولم تنقطع ، وسقط الشهداء تباعا وبالألاف ، وسجل التاريخ المعاصر هذا العام 2023 أكبر مجزرة إسرائيلية بحق الفلسطينيين بحجة اجتياح حماس المباغت لها بعد 75 عاما من انتظار الوصول لحلول عادلة للقضية الفلسطينية ، وكان من أكبرها مشفى المعمداني ، ومشفى القدس مهدد الآن أيضاً ، ورقم الشهداء كبير وعملاق ، وأصبح الدمار مضاعفا .