أعرف زوجات كثيرات يحسبن بالورقة والقلم متطلبات العائلة والأبناء ولا يهدرن دينارا في غير مكانه ويعترف أيضا كثير من الأزواج أنهم لا يمتلكون مهارة الإدارة الاقتصادية للأسرة. كما أرفض الرأي الذي يروج أنّ المرأة مبذرة بطبيعتها. المرأة مدبرة منزل بمهارة أكبر بكثير من الرجل وقادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بأسرتها وفي الغالب هي السلطة الفعلية في الأسرة. تستطيع الزوجة أن تدير الراتب بكفاءة وتدير نفقات العائلة دون شعور أي من أفرادها بالخلل، في الوقت الذي لو تسلم فيه الرجل مهام التدبير والتوفير لأهدرت الأموال في غير مكانها الصحيح.
المرأة أعرف باحتياجات منزلها وأدرى بحاجات أبنائها من الزوج المتغيب عن البيت والأبناء في أكثر الأحوال، ومطالب الأبناء ليست شيئا هينا فعندما تقرر الزوجة تلبية غرض أبنائها فهي تعرف أنها تغاضت مرات كثيرة عن مطالب أخرى لهم واتبعت معهم قاعدة الأهم فالمهم. ويعرف جيداً قيمة هذا الميّزة معظم الأزواج فيسلمون زوجاتهم مهمة تصريف الأعمال في المنزل. أحد الأزواج يعترف بأنه لا يبقي معه إلا ثمن علبة الدخان ويقول أن من السلامة له ولعائلته أن لا يبقي معه أكثر من مصروفه الشخصي.
ما سبق بالنسبة للأسر النووية المكونة بشكل طبيعي من أب وأم وأبناء، لكن ماذا عن أسر المعيل فيها أرامل ومطلقات وعزباوات يرأسن الأسر برغم قسوة الظروف، فيضاف إلى عبء دورهن الأساسي دور آخر.. فالواحدة منهن أم وربة أسرة والمساهم الاقتصادي الرئيسي وربما الوحيد للأسرة.. وفي دراسة محلية نشرتها الرأي الأسبوع الماضي فإن هناك ارتفاعا ملموسا لتلك الظاهرة، أي تنامي عدد الأسر التي ترأسها النساء، بسبب تغير معطيات الحياة، ما أدى إلى ارتفاع نسب الأسر التي ترأسها أرامل ثم العزباوات والمطلقات، وفي حالات مشابهة ترأس المرأة الأسرة بوجود الأب في ظل عجزه أو سفره أو مرضه أو هجره.
رئاسة المرأة للأسرة في ظل غياب رأس الأسرة (الرجل) مهمة قاسية وليست يسيرة فهي تراكم الأعباء الاقتصادية والنفسية والاجتماعية على الزوجة والأم.. المطلوب تركيز أكثر على النساء اللواتي يرأسن أسرهن وتسهيل مهمتهن وتأهيلهن ودمجهن في برامج تساعدهن على اكتساب مهارات لتتوفر لهن فرص عمل حيث معدل بطالة أرباب الأسر من النساء يزيد بمقدار ثلاثة أضعاف المعدل بين الرجال وهذا يعني أن نسبة الفقر ترتفع في الأسر التي تعولها نساء. وبجانب حاجتهن للتمكين الاقتصادي ومساواة أجورهن بالرجال، فبالتأكيد نؤيد ما خلصت إليه دراسة أوضاع النساء اللاتي يرأسن أسرهن بضرورة تبسيط الإجراءات القانونية التي تعني المرأة ربة الأسرة وتوعيتها بها. وتبسيط حصولها على القروض لغايات المشاريع الانتاجية..هذا أقل ما يقدم إلى امرأة تحتمل ضغوطا ً حياتية هائلة وأعباء متداخلة قد لا يحتملها رجل.
(الرأي)