دور الإعلام في تعزيز السلم العالمي .. تراجع المبادئ والأساسيات
د. أشرف الراعي
05-12-2023 12:07 PM
الأصل أن تقوم وسائل الصحافة والإعلام بدور هام وأساسي في تعزيز مفاهيم السلم والأمن الدوليين؛ حيث تعد هذه الوسائل المنصات الرئيسية التي يمكن من خلالها تبادل المعلومات والأفكار والآراء بين الدول بخصوص القضايا الدولية التي تخص شعوبها، ومن الضروري أن يتم ذلك بشكل دقيق ومتوازن لأهمية وسائل الصحافة والإعلام في تشكيل الرأي العام، وتكوين السلوكيات الاجتماعية السلبية والإيجابية وتوجيه المواقف.
وبعد مرور أكثر من 7 عقود على نشأة عصبة الأمم المتحدة، أدرك المجتمع الدولي اليوم أن حفظ الأمن والسلم الدوليين ليس في عدم نشوب الحروب والنزاعات المسلحة، وإنما أصبح يتعلق بالعديد من المفاهيم المهمة مثل مبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول من ناحية أخرى وغيرها من المسميات التي أصبحت تندرج في إطار تكريس علاقات دولية مستقرة ووازنة، لكن ذلك بقي حتى الآن حبراً على ورق ولا يوجد ما يشير إلى انهيار كامل في مبادئ القانون الدولي العام.
ومن هنا تعاظم دور وسائل الصحافة والإعلام، فلا بد من أن تكون المساهمة بنقل الأخبار المتعلقة بالدول تتم بشكل دقيق وموثوق والتأكد من صحتها قبيل نشرها، فضلاً عن أهمية التحليل الدقيق للأحداث؛ إذ يجب أن تقوم وسائل الصحافة والإعلام بتحليل الأحداث المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين بشكل دقيق ومتوازن، والتركيز على الأسباب والنتائج والحلول الممكنة للأزمات الدولية، لكن ذلك تراجع في الآونة الأخيرة لصالح مواقف دولية معينة من دون حساب أهمية حماية الإنسان.
يتوجب على وسائل الصحافة والإعلام أن تقوم بالتوعية بأهمية السلم والأمن الدوليين سواء للأفراد أو للدول وتعريفهم بأهمية التعاون والتضامن بين الدول لحل المشكلات الدولية بشكل سلمي، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الدول من خلال إبراز أهمية الحوار والتعاون في حل الصراعات الدولية، كما يتوجب على وسائل الصحافة والإعلام التركيز على أهمية الدور الذي تقوم به قوات حفظ السلام وهي القوات التي تم تشكيلها استناداً إلى التدابير السلمية لحفظ الأمن من قبل مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة استناداً إلى نصوص ميثاق الأمم المتحدة، ولكن للأسف أصبحت العديد من وسائل الإعلام تلجأ للإثارة من خلال المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي وليس إلى نقل الصورة الحقيقية.
يلعب الإعلام دوراً مهماً في بيان الخطورة التي تنضوي على الصراع العرقي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو الديني في المجتمع، أو أعمال العنف، والإرهاب، وخطورة أسلحة الدمار الشامل، والمشاكل المدمرة الناجمة عن النمو السكاني وانتشار المخدرات والفقر والبطالة والأمراض وما تخلفه من لاجئين ومشردين، والتي تشكل آفات يمكن أن تعصف بالمجتمع ككل، وهو ما يجب أن يتنبه له القائمون على الإعلام العربي ومن ثم الإعلام العالمي وإلا فإن القادم أسوأ خصوصاً فيما يتعلق بقضايانا العربية.
ونخلص من ذلك إلى أن وسائل الصحافة والإعلام تلعب دوراً أساسياً في التوعية بأهمية السلم والأمن الدوليين من خلال تعزيز مفاهيم التعاون المشترك بين الدول والمنظمات الدولية والتركيز على التوعية بأهمية التبادل المشترك للمصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فضلاً عن مواجهة الآفات التي يمكن أن تعصف بالمجتمعات وتهدد السلم والأمن الدوليين كالإجرام والعنف والفقر والبطالة وتعزيز مفاهيم الوسطية واحترام الآخر والبعد عن التطرف، والأهم عدم الاعتداء على حقوق الشعوب وسلبها بحجة الديموقراطية، وهو ما يتطلب لدينا في الأردن ابتداءً من وضع استراتيجية إعلامية محددة تقود المشهد وتعكس دور بلادنا في تعزيز الاستقرار بالمنطقة.