سلام الله عليك "أبا الحسين"، ورحمته، وبركاته أيها الملك الحبيب وبعد،
لا وقت للوقت في هذه الأيام، ولا وقت للمقدمات البديعية الطويلة، وقد نال الألم لما يحدث في غزة من قلوبنا مناله، وأدمت جراح أبناء غزة ترابها من شرقها إلى غربها، ومن الشمال إلى الجنوب، ووصل عدد الجرحى اليوم إلى ما يزيد على 41 ألفاً، وخرجت كل مستشفيات شمال غزة عن بكرة أبيها عن الخدمة، وما زال القصف يستهدف المستشفيات حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها إلى جلالتكم، حيث استهدِف مستشفى كمال العدون المثقل بالجراح والشهداء.
وأما مستشفى ناصر في خان يونس، فيعاني ما تعانيه مستشفيات الشمال، ويتم تحويل حالات تستلزم تدخلات جراحية، لا يمتلك المستشفى القدرة على إجرائها، ويطلب تحويل حالات صعبة إلى مستشفيات مصر الشقيقة، فتصله موافقات في أيام لاحقة، يكون الجرحى خلالها قد انتقلوا إلى جوار ربهم، ومنذ أيام وأنا أسمع نداءات الهيئات الطبية في غزة إلى إخوانهم العرب والعالم، بتزويدهم بمستشفيات ميدانية كبيرة، تمتلك القدرة على سد هذا الفراغ المميت من الغياب الطبي.
ونحن نقدر عالياً في الأردن مبادرة جلالتك منذ الأيام الأولى بإرسال مستشفى ميداني إلى غزة المكلومة، وآخر إلى الضفة الغربية، ونقدر متابعة جلالتك وتواصلك مع الكوادر من النشامى العاملين في الميدان، ونقدر جهودهم وهم يسهمون برفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني على الضفة الأخرى من النهر، وفي قطاع غزة التي تضاعفت معاناة أهلها، وحاجتهم إلى مزيد من الإسعاف، والإنقاذ، والعمليات الجراحية في ظل وضع لا تمتلك فيه غزة كل مقومات الحياة من ألفها إلى يائها.
سيدي جلالة الملك،،،
الناس تموت هناك يا سيدي في انتظار طبيب أو مسعف. أنني أتوسل إليك، وأستجير بك، وأنت خير من يجير، وأنا في حالة انهيار عصبي، غارق في البكاء من الألم؛ حتى أصبح لون دمعي لون الدم، كلي رجاء وأمل فيك وأنت لها، أن تأمر على الفور ودونما أي تأخير، برفع عدد أسرة المستشفى الميداني في غزة الجريحة من أربعين سريراً إلى مائة، ومضاعفة الكادر الطبي العامل على الأرض من نشامى الخدمات الطبية الملكية، وأن تتكرم بالأمر باستحضار أكبر عدد ممكن من الجرحى الذين تستلزم حالاتهم تدخلاً طبياً متقدماً، أو جراحات لإنقاذ حياتهم، وتوزيعهم على مستشفيات المملكة، التي لن تقصر في أداء واجبها اتجاه أهل غزة أطفالاً ونساء وكبار سن.
حفظك الله "أبا الحسين" منصوراً، مرفوع الهامة، وشعبكم الأردني الذي أنا أصغره قدراً، وأن يحفظ الله الأردن أرضاً، وبحراً، وسماءاً، وأن يرفع عن أهل فلسطين الغمة، وينصفهم في عالم لا يعرف الإنصاف، وإني أدعو لجلالتك من صميم قلبي أن يحفظك ذخراً للأردن، وسنداً لفلسطين وأهلها، ولكل قضية عادلة، ولكل أم مكلومة، وطفل فقد أهله تحت الركام، وبقي على الأرض مقطوع الرجل، وأن يظل الأردن المستجيب الأول لشعب فلسطين، وأول من يكفكف الدموع، ويطبب الجرحى، والله المستعان.