غزة جاءت دامية برداء الطهر تحمل وجع الأرض، وعذابات الإنسان الفلسطيني، حمراء كأنها اسطورة انفلتت من فم الموت من نسج الخيال ، كأن اشلاءها المبعثرة رسول انبعث ضد الظلام.
كأنك يا غزة جئت من عند الموت تطرقين على وقع الآذان ، وأجراس الكنائس أبواب الحياة.
فغزة ليلة معطرة تزدحم بالعاشقين صرعى الوطن، والأرواح من حولها انجم فجر يغذ الخطى نحو غد أبيض، عندما تولد الحياة من جثث الأطفال، وتناثر احلامهم الطرية من تحت الأنقاض.
قد كان ليل احتلال لن ينسى، ولن يمر من عمر الزمان، وصرخة فجر اطل من بطن الأيام، ففي الدماء العربية تعمد الحرية، والارواح فراشات في سماء الوطن الفلسطيني.
وكان الموت حاضراً، وارتفع منسوب الدم في غزة، والأرض حانية تحتضن الجثث، وتكفكف انين الجرحى.
كان الموت مرعوباً من هول ما رأى، والحلم الفلسطيني يتدفق مع شلال الدم الطاهر.
غزة كانت صرخة شعب اطل من خلف المخيم، والشتات، والاشلاء، والدماء، والقبور، والليل المجروح الذي يظل يمد الغد بفيض من الكرامة العربية.
كانت الدنيا ليلة غزاوية اسهرتها الأرواح المتطايرة في فضاء الوطن الفلسطيني لتعلن فرح الأرض الازلية، وذكرى الرسل ، ومقامات الطاهرين، والاولياء، وبشارة للخير الذي سيطارد الشر، واليد الصهيونية كي يقطعها، وهي تبذر الموت في الروح العربية، فالحياة تزهر برغم الموت.
ان غزة امل، وطموح، وبشارة، وقناديلها البيضاء تهدي الأرواح روحها الثائرة في العتمة.
غزة عزة ، وعزيمة ، وامل ممتد ، وهي شمعة لا يطفؤها الليل ، ونداء مقدس في قلوب المؤمنين.
غزة رسول بين المدن، ورسالة في الحرية، وهجرة من الظلام.
دم حار يحيي الموتى على طريق الآلام، واياديها تقدم العطاء، فليس بعد الموت عطاء.
وغدا تزهر الحرية، وتبحث الامة العربية عن ذاتها، واحلامها في مصائر الشهداء.