طوفان الأقصى .. وجدوى الكتابة !
د. محمد ناجي عمايرة
04-12-2023 10:58 AM
كتبت قبل ايام مقالا في عمون العزيزة عن "طوفان الأقصى المستمر"، وكانت المعركة مع العدو في بداية شهرها الثاني وها هي تتواصل وتبلغ اشدها في المواجهة الشجاعة التي تتميز بها المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام وما يعترف به حتى العدو من صمود وبسالة وما يلقاه العدو من خسائر كبيرة، وفي هذا الجنون الصهيوني المدعوم من اميركا وبريطانيا وألمانيا بشكل مباشر وبعض الدول الاوروبية الاخرى بشكل مستتر وغير معلن.. وهو جنون يستهتر بكل القيم والأخلاقيات ومعايير القانون الدولي والإنساني في حرب ابادة اجرامية سوداء تهون معها كل ممارسات النازية والفاشية في القرن الماضي.
حين يسيل الدم غزيرا في شوارع غزة ومدارسها ومشافيها ومساجدها وكنائسها وتكون ارواح الآلاف من المدنيين العزل أطفالا ونساء ومسنين تحت القصف المدفعي والصاروخي وقنابل الفسفور وتسقط السقوف على رؤوس سكانها.
حين يتعرض الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية إلى حرب ابادة كهذه يتساءل الكاتب : ما جدوى الكتابة ؟!..
وحين يفتقر الإنسان الفلسطيني الأعزل المحاصر إلى كل مقومات الحياة من ماء ودواء وكهرباء وطعام ويلتفت حوله مستغيثا باهله وقومه وبالمجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة فلا يجد إلا الصمت وحين تتكدس المساعدات الإنسانية على معبر رفح بانتظار اذن الدخول من العدو المحتل فلا تجد من يساهم في فتح هذا المعبر او غيره إلا تصريحات وتزيدان وكلام في كلام، يتساءل الكاتب : ما جدوى الكتابة.
ثمة تجاهل مقصود لأساسيات الصراع وجذوره في محاولة ساذجة لتصويره كأنه بدأ يوم ٧ اكتوبر تشرين الاول الماضي بعملية طوفان الأقصى, بينما تعود جذور الصراع إلى نحو قرن من الزمان مع وعد بلفور وقبل ذلك ايضا مع قيام الحركة الصهيونية الاستيطانية.
فهو ( صراع وجود لا نزاع على حدود ).
وعلى الجميع ان يتذكروا جيدا ان الاحتلال الصهيوني للأرض العربية الفلسطينية والدعم الاميركي والأوروبي الغربي لما سمي بعد ذلك ب ( إسرائيل) والمستمر منذ خمسة وسبعين عاما بما كان فيها من حروب خاسرة وتشريد وشهداء وضحايا ودمار وآلام وكوارث إنسانية, وما اعترضها من مساعي سلام متوهم ومحاولات ايجاد حلول فاشلة تنظر إلى نتائج الصراع ولا تحاول ان تتعمق في اصوله وجذوره وأسبابه او هي تتجاهلها جهارا نهارا.
نتساءل عن جدوى الكتابة : وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود !!..
العدو المحتل يدرك حقيقة أهدافه الواهمة و يعرف ان السلام المعروض هو بضاعة زائفة والدول الكبرى التي تتبجح بدعم هذا المحتل وتبرئته من كل الجرائم البشعة التي يرتكبها بدم بارد . كما يعرف ان التهجير القسري وسياسة الارض المحروقة لن تقدم حلا ولن توصل إلى سلام حقيقي.
لذلك يواصل عدوانه الاجرامي على المدنيين ,وهو يرى جيشه يتقهقر امام صلابة المقاومة في الميدان ويحاول إقناع نفسه ان قتل النساء والأطفال وتدمير البيوت على ساكنيها وكل هذه الجرائم ضد الانسانية يمكن ان تعطيه انتصاراً او وهما بانه سجل انتصاراً على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني.
أمام هذا كله او حتى بعضه يتساءل الكاتب عن جدوى الكتابة ؟!!..
لا شك ان القضية الفلسطينية تلقى تفهما واضحا وتعاطفا واسعا لدى الشعوب في كل أنحاء العالم، وهذا ما تعكسه المسيرات والتظاهرات التضامنية في اميركا وأوروبا واسيا وافريقيا، ولكن ترجمة هذا التضامن إلى واقع مؤثر ما تزال في اطار التمنيات .
لم يكن الفلسطينيون ولا العرب ولا المسلمون دعاة حروب وقتل ودمار لكنهم دعاة حق وعدالة وانصاف ليكون السلام والأمن والاستقرار الحقيقي.
وحين تغيب هذه الحقائق او يستمر تجاهلها وإنكارها تبقى اساسيات الصراع الوجودي على الارض، ولذلك يسعى العدو المحتل إلى ابادة الشعب الفلسطيني وتدمير كل عمران على ارض فلسطين بهدف الإبقاء على وجوده المزيف على ارض مسلوبة ومسروقة ومغتصبة!،
ترى هل ثمة جدوى للكتابة بعد هذا ؟!!.
ورد في الحديث الشريف عن الرسول صلَ الله عليه وسلم انه قال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ).
وليس هناك ما هو أشد سوءا ومنكرا وظلما من احتلال فلسطين، ففي أي المواقف نحن؟، وكيف يكون تغيير هذا المنكر يا ترى؟، ومن يوقف هذا العدوان على الارض والحق والانسان ؟..