الكثافة الحسية هي ان تعيش شعور الامان و الاطمئنان و المتعة و السعادة عندما تتخيل ذكرى سعيدة او تتخيل حدث مستقبلي او صورة ذهنيه مصطنعه تشعرك بذلك.

تخيل مثلا انك مقدم على سفر لتطور ذاتك و تحصل على عمل. ستبدأ مشاعر مختلطة فانت تترك بيئتك التي تعودت عليها و أصدقائك و جزء من عائلتك و كذلك انت تترك طرق و أرض و معالم تعود عليها عقلك الباطن ولا يبذل جهدا بالتنقل بينها. أنت ستقابل أناس جدد بثقافة مختلفة و قد تكون لغة اخرى و ستواجه تحديات السفر و الانتقال الى عالم جديد و قد تشعر ان ثقتك بنفسك تهتز احيانا فانت مقدم على تغيير كبير في حياتك و انت قد تواجه صراعات في العمل لست معدا لها و يغيب فيها سندك الاجتماعي.

كما ذكرنا سابقاً أن أي حدث يتم ربطه بشعور داخلي قوي مثل الخوف أو الثقة و مثل السعادة أو الانكسار و مثل الشجاعة أو التردد و مثل الغضب أو الحزن أو الاعتزاز أو احترام الذات فإن ذلك الحدث سيشكل آلية برمجة اسرع للعقل الباطن و سيكون ذكرى قويه يسهل استرجاعها و ذلك هو أساس استخدام الكثافة الحسية في برمجة العقل الباطن نحو الايجابية أو السلبية. تلك البرمجة سيستعيدها العقل الباطن احياناً دون أن ننتبه لذلك فأي منا قد يلحظ احيانا انه يدخل الى مكان أو يقابل شخص للمرة الاولى و يشعر بالانقباض و عدم الراحة في حين أماكن اخرى و اشخاص آخرون قد يشعروننا بالارتياح و هذه برأيي ناتجة عن تجارب قديمة ارتبطت بشعور داخلي قوي و برمجت العقل الباطن و عندما نتعرض للاماكن او الاشخاص او حتى الطقس فان تلك البرمجة تنبعث لاشعورياً فتحفز اما مسار التوتر و القلق او مسار المتعة و السعادة.

سأعطي بعض الامثلة و لكن قبل ذلك لنستخلص العبرة ان الاحداث الايجابية في حياتنا تستحق ان نربطها بشعور ايجابي داخلي و اما الأحداث السلبية فالافضل تحييد الشعور السلبي.

مثلاً الفتاة التي تربت في بيئة إيجابية فيها حنان و دعم من والدها ستجدها ترتاح للشخص الذي فيه شبه بالشكل او السلوك من والدها و أما تلك التي عانت القسوة او التمييز فانها ما انت تقابل شخص او تدخل مكان يشبه ذلك الذي عايشته ستشعر بالانقباض.

و مثلا لو شخص تعرض لحادث تسبب بأذى في يوم ماطر تجده يشعر بالانقباض مع هطول الامطار. و مثال آخر لفتاة كانت تستمتع باللعب في حديقة منزلها محاطة برعاية أهلها ستجد أنها تستمتع بالطبيعة و الاشجار و تشعر بالارتياح ما تدخل مكان فيه ملامح من بيتها او حديقة منزلها. كل ما سبق لان حدث ما ارتبط بشعور داخلي قوي فشكل ذكرى قوية و برمجة للعقل الباطن قد لا نلحظه على مستوى الوعي و الانتباه. و هذا المبدأ نستطيع استخدامه لاعادة برمجة انفسنا لتنمية قوة الارادة و الثقة و احترام الذات و الاستمتاع بابسط الاشياء و وضع اهداف ذات قيمة في حياتنا و الاستمتاع بالانجازات الصغيرة في طريق تحقيقنا لتلك الاهداف و الاهم ان نمد انفسنا بالقوة الداخلية من الارادة و العزيمة و الثبات لمواجهة التحديات و التغلب عليها. سأعطي مثالا عمليا على الاستفادة من الكثافة الحسية في تنمية مهارة الارادة و العزيمة و الثقة يمكن تطبيقه عمليا و كل فرد يستطيع تعديله وفق ظروفه.

3. انت مقدم على هدف جديد مهم مثل الدراسة او عمل جديد او الانتقال الى بلد جديد او الانتقال من الجامعة الى سوق العمل أو غيره من الاهداف.

اختار مكان هادئ تقلل فيه عوامل التشتت (يمكن وضع سماعة على الاذنين) و خذ نفس عميق و اخرجه بطيئا ثم تخيل أن قوتك الداخلية من الارادة و العزيمة تنبعث من داخلك و تقاوم بها التردد و الخوف و القلق و تتغلب عليه ثم خذ نفسا عميقا آخر و اخرجه ببطئ و استعيد قدراتك و مواهبك و انجازاتك مهما كانت بسيطة و اشعر باستحقاقك و قدرتك على مواجهة التحديات و التغلب عليها. ثم خذ نفساً عميقاً مرة اخرى و اخرجه بطيئا و اشعر بارادتك و استحقاقك و عزيمتك قوة تنبعث من داخلك تعطيك القدرة على مواجهة كل الصعوبات و التغلب عليها و انك انت من تقود عالمك و ظروفك و حاضرك و مستقبلك بتلك القوة الداخلية المنبعثة منك و انك قادر على التحدى و الانتصار و ان كل تجربه ستنجح فيها او تتعلم منها لتتعافى من اي فشل و تعود أقوى لتواجه من جديد و تنتصر. خذ نفسا عميقا و اخرجه بطيئا و اشعر و استمتع بتلك القوة الخارقة التي تنبعث منك و تستطيع بها ان تتحدى الكون و ان تسحق الخوف و تسحق القلق و تسحق التوتر و تسحق محطات الفشل و ان تخرج من جديد مارد قوة داخلية انت تملكها لا تؤثر بها الظروف ولا الاشخاص ولا الاماكن فهذه قوتك و مهارتك المنيعة التي تستحقها انت بقدراتك و مهاراتك و انجازاتك و قيمك الداخلية النبيلة.