لا حق مع إسرائيل ولا باطل
عامر طهبوب
02-12-2023 06:47 PM
لم أكن أدرك جيداً عناد بني إسرائيل ومراوغتهم وجحودهم مع سيدنا موسى عليه السلام، بالقدر الذي أدركته هذه الأيام، وكنت أستمع إلى حديث مستشار رئيس وزراء إسرائيل إلى الإعلام، وهو يطالب أهل غزة بالابتعاد عن المناطق التي تجري فيها الاشتباكات، وتشهد عمليات قتال، وهو بذلك يحمل القتيل مسؤولية قتله، ويحمّل أكثر من ستة آلاف طفل مسؤولية موته، وأكثر من أربعة آلاف امرأة، هن سبب إزهاق أرواحهن.
تقصف إسرائيل دون توقف منذ السابع من أكتوبر الماضي شمال غزة، ووسط غزة، وأطراف غزة، ودير البلح، وخان يونس، ومخيمات البريج، والمغازي، والشاطئ، والنصيرات، ورفح، وبيت لاهيا، وكل موقع في القطاع، وكل حي، بلا انقطاع، وتستهدف الثابت في المستشفى، والجريح، والضريح، وسيارات الإسعاف، والدفاع المدني، والصحفيين، والعابرين عبر شارع صلاح الدين إلى الجنوب، ويخرج مستشار نتنياهو ليحمل القتيل مسؤولية قتله، وأن يطالب أهل غزة الابتعاد عن مناطق القتال، يعني أن يتركوا غزة، ويرحلوا عن أرضهم من شمال غزة، إلى جنوبي رفح.
ربما كان بطش فرعون أرحم من معاناة سيدنا موسى عليه السلام مع بني إسرائيل، وعندما ذهب للقاء ربه في الطور، وتأخر أياماً عن العودة، قالوا إن الله قد أضلّ موسى، فضلّوا، وعبدوا العجل من بعده، وفشل سيدنا هارون عليه السلام الذي استخلفه موسى عليهم، في ردهم عن غيّهم، فهدّدوه بالقتل، ورفضوا الذهاب مع سيدنا موسى إلى فلسطين، وقالوا: إذهب أنت وربك فقاتلا، إننا ها هنا قاعدون، ومات موسى دون أن يدخل فلسطين، ودخلها هؤلاء في وقت لاحق، ورفضوا السجود لله.
إسرائيل دولة مارقة، لا يؤخذ منها حق ولا باطل، كاذبة، متلونة، ومتغطرسة، تضع اللوم على منظمات الإغاثة، وتمنع عن غزة الإغاثة والإعاشة، وتهاجم الأمين العام للأمم المتحدة، وكل من يقول كلمة إنصاف، وكل من يحتكم إلى ضمير حي في وصف ما يجري على أهل غزة من حرب إبادة غير مسبوقة، وتواصل صلفها تحت شعور بالاستعلاء وفائض القوة، ولكنها لن تستطيع تركيع أهل غزة، ولا تهجيرهم، رغم الدمار والقتل والحصار، وسينقلب الشعور بفائض القوة إلى ضعف أمام صمود أهل غزة، وتضحيات مقاومتها، ولم يعد لهم ما يخافون عليه، لا بيت، ولا متجر، ولا سقف، ولا ماء، ولا غذاء. ليس لدى أهل غزة سوى مقاومة الغزاة بكل وسيلة، حتى يندحر العدو خائباً مهزوماً، وتبقى الأرض فلسطينية كما كانت عبر تاريخها الطويل.