facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حسابات مؤجلة في اسرائيل


اللواء محمد البدارين
02-12-2023 03:53 PM

قد تنتظر اسرائيل حتى انتهاء الحرب، وقد لا تنتظر ان طالت ، لكي تبدأ عمليات تحقيق واسعة مع نفسها ، لتحديد المسؤوليات عن فشلها الذريع ليس فقط في التنبؤ بهجوم حماس ، ولكن أيضا عن فشلها في التصدي له عند وقوعه ، بشكل وصف بأنه اسوأ فشل في تاريخها ، ففي تلك الساعات الاولى من الهجوم المباغت ، ظهرت الاجهزة الاسرائيلية والجيش والحكومة والدولة كلها بحالة فاضحة من الارتباك والتخبط وعدم القدرة على فهم ماذا يحدث ، وماذا يجب ان تفعل ، لقد حدث اللامتوقع والدولة كلها نائمة حقا ومجازا ، انه يوم اسوأ بكثير على اسرائيل من يوم السادس من اكتوبر.

ولذلك سيكون التحقيق في ما جرى ، واسعا ودقيقا جدا، وسيكون مذلا لمستويات سياسية وعسكرية واستخباراتية متعددة ، وستكون النتائج وما يترتب عليها من إجراءات ، قاسية ومخزية ، وستنتهي الحياة الرسمية لعدد من قادة هذه المرحلة في إسرائيل ، بطريقة سيفضلون معها الانتحار سلفا ، لو كانوا من أمة اليابان.

ومن المثير ، أن نحاول التعرف على شيء من تلك الورطة الاستخباراتية التي وقعت فيها اجهزة اسرائيل ، حيث يمكن الاستناد على بعض التسريبات الاعلامية الطفيفة ، التي ستتحول مستقبلا الى فضائح استخباراتية مدوية ، ونستنتج من هذه التسريبات المتاحة ، ان استخبارات حماس ، نجحت بشكل فعال بإدارة عميل او عملاء مزدوجين في مستوياتها العليا ، كان متاحا لهم تمرير معلومات ذات قيمة ومصداقية للاستخبارات الاسرائيلية ، جعلتهم عملاء موثوقين لها ، وواحد من هؤلاء على الاقل كان بطل عملية خداع مكتملة للأجهزة الإسرائيلية ، وقدم معلومات مضللة وخادعة لمشغليه ، بنيت عليها تقديرات خاطئة ، أصابت اسرائيل بالعمى ، وبناء عليها اعتبرت ان الخطر المحتمل ليس من غزة بل من الضفة الغربية ومن لبنان وإيران ، وتركزت جهودها على اهداف اخرى ، بينما كان الخطر داهما من نقطة قريبة جدا ، فتفوقت بذلك استخبارات حماس في إدارة ما يمكن وصفه بأكبر عملية خداع استخباراتي بهذا الحجم .

ونستنتج ، ايضا ، ان استخبارات حماس اكتشفت وادارت بنجاح ولعدة سنوات ، اجهزة تنصت وتجسس اسرائيلية مزروعة في أماكن حساسة في مقراتها ، ومررت من خلالها ما ترغب بتمريره من معلومات عن نشاطاتها واجتماعاتها وخططها ، وبصورة حاذقة جدا ، وتخدم أهدافها ، ولأن المعلومات المتاحة عبر الوسائل الفنية موثوقة عادة لدى اجهزة الاستخبارات ، فقد انطلت الخدعة على الاسرائيليين ، بشكل منح حماس تفوقا استخباراتيا نادرا وغير متوقع وطويل الأمد ، وربما كان هذا هو العنصر الحرج في عملية الخداع الكبيرة التي ابتلعتها إسرائيل كطعم شهي.

ومن المعروف ، ان إسرائيل اعتمدت طويلا وتباهت كثيرا بقدراتها التجسسية الفنية ، وتفوقها التكنولوجي في هذا المجال ، حتى أن أنظمتها التجسسية التقنية عالية المستوى ، كانت سلعة غالية الثمن ومطلوبة جدا عالميا في السوق الاستخباراتي والعسكري السري والعلني.

لكن أدوات التجسس الفنية ، تظل طبعا قليلة الجدوى في متابعة الأهداف الحساسة الواعية ، ولا يمكن أن تغني عن المصادر البشرية ، ولطالما عانت اجهزة الاستخبارات من نقص المصادر البشرية ذات الصلة بالأهداف المهمة ، حيث تعجز الوسائل الفنية عن سد الاحتياجات المعلوماتية المفيدة عن حركة هذه الأهداف ونشاطاتها ، وهذا ما عانت منه الولايات المتحدة في حروب العراق ، فقد كانت تعاني من نقص العملاء البشريين ذوي الصلة بالأهداف الكبيرة ، مقابل وفرة في القدرات الفنية الفعالة في ملاحقة الأهداف السهلة ، ولذلك لم يتسنى القبض على المطلوبين العراقيين الكبار إلا بواسطة مصادر بشرية ، وفي حالة حماس بالتحديد يبدو أن المصادر الفنية تحولت الى خطر مميت على الطرف الإسرائيلي المتباهي بقوته التقنية.

ولان الفضائح بعد التحقيق ستكون اكبر من ان تتحملها اسرائيل ، فقد تلجأ للابقاء على التحقيقات ونتائجها سرية ، او تكتفي بالإعلان عن جزء منها ، لكن الإجراءات التي ستتخذ بناء على نتائج التحقيق ، ستكشف عن حجم هائل من التقصير على كل المستويات ، وستحاسب إسرائيل قادتها المخدوعين حسابا عسيرا ، فالتقصير أو (المحدال) هذه المرة كان فظيعا جدا ، وجاء الخطر من جهة صغيرة نسبيا قياسا بقوة اسرائيل ، لذلك سيكون على إسرائيل أن تتعلم درسا لم تتعلمه من قبل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :