لا يترك جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله ورعاه، مناسبة إلا ويتحدث بها بصوتٍ عالٍ فيه من الحكمة والتوازن والموضوعية والمنطقية الكثير، حول ما يعانيه الأشقاء الفلسطينيون، واليوم يرتفع الصوت الملكي في ظل ما يواجه أبناء قطاع غزة من حرب، تخالف أبسط المعايير القانونية الدولية، والإنسانية، ومبادئ العدالة والإنصاف التي كان ينادي بها العالم، والتي أوقعت حتى الآن نحو 14 ألف من الضحايا الأبرياء الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم يعيشون في هذه البقعة الجغرافية.
يأتي صوت جلالته مدوياً، وهو يؤكد على ضرورة وقف الحرب، لانعكاساتها الفجة من كل النواحي، مع ربط ذلك بكل ما يعانيه العالم من تحديات، ومن ذلك الكلمة التي ألقاها جلالته في مؤتمر الأطراف COP28 الذي يلتئم في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
لقد جاءت كلمة جلالته واضحة محددة تضع يدها على الجرح وتشير إلى نقاط مفصلية في القضية الفلسطينية المحقة؛ حيث أكد جلالته على ضرورة التعامل بشكل شمولي مع تحديات المناخ، وبما يشمل الفئات الأكثر هشاشة وضعفاً ومنهم الفلسطينيون الذين تأثروا بالحرب في قطاع غزة.. كما أكد جلالة الملك عبدالله الثاني – وهو الموقف الرسمي الأردني منذ بداية الحرب – على أنه "لا يمكن لنا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما الدمار الهائل الناجم الحرب القاسية في غزة يهدد المزيد من الضحايا، ويعيق التقدم نحو مستقبل أفضل".
الصوت الملكي كان منذ اليوم الأول للحرب صوت الحكمة؛ لا بل ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية كان جلالته قد دعا ويدعو - حتى الآن - بضرورة وقف الاحتلال، وصياغة مستقبل أفضل للفلسطينيين على تراب وطنهم، والاعتراف بدولتهم المستقلة القابلة للحياة، والقادرة على العيش في بيئة آمنة بعيدة عن القتل، والقمع، في التعامل مع الفلسطينيين الذين يعانون اليوم ما يعانوه نتيجة 75 عاماً من الاحتلال.
هذا الصوت، لم يكن مدوياً اليوم فقط في مؤتمر الأطراف COP28 بل أكد جلالته على ذات المعاني مرات عدة في الأمم المتحدة، والعديد من المؤتمرات، والملتقيات العالمية، والإقليمية، وها هو اليوم يعيد التأكيد مع بعض الإشارات التفصيلية؛ فقد أكد جلالته على أهمية التصدي للخطر الحقيقي لانعدام الأمن الغذائي في غزة، مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي قامت بها المملكة الأردنية الهاشمية في جمع جميع الشركاء الدوليين للتنسيق حول آليات تزويد الغذاء بشكل مستدام للقطاع.
الجهود الملكية، هي تكريس للجهود الجمعية الأردنية في التعامل مع القضية الفلسطينية؛ فالأردنيون يؤمنون بأن ما يتعرض له أشقائهم الفلسطينيين من ظلم وتنكيل لا بد وأن ينتهي من أجل مستقبل أفضل يمكنهم من تحقيق طموحاتهم وأحلامهم وآمالهم على ترابهم الوطني، مستندين إلى الرؤى الملكية في حماية الأشقاء والدفاع عنهم في المحافل الدولية، بعيداً عن لغة القتل والعنف والإرهاب والموت والدمار الذي يشاهده الناظر أينما التفت في قطاع غزة.