ما زال نتنياهو يصر على تكملة الجزء الثاني من حربه على غزة محاولا اقناع الإدارة الامريكية بجدوى إعطائه فرصة أخيرة للقضاء على حماس "عسكريا"، عبر الدخول من باب خان يونس هذه المرة لاستكمال سلسلة التهجير القسري/ الناعم الذى تقوم الة الحرب العسكرية عليها، بعدما أن قام بتدمير شمال القطاع وجعلة غير صالح للعيش وطارد للسكن وغير آمن ووضعه لحجر تشييد مستعمرة عوفر الاستيطانية في زيارته الأخير الى شمال القطاع.
إصرار نتنياهو بتأييد وزير دفاعه غالانت للمضي بالحرب وشرعنة الانتهاكات والجرائم في المشهد الثاني من العدوان على غزة، حملها بلينكن "اليهودي" كما يحب تسمية نفسه للإدارة الامريكية بعد زيارته للمنطقة، وهو ما يعنى ضمنا عودة المنطقة لأجواء الحرب من جديد لكن هذا الاستخلاص ليس وحده من سيقف عليه المكتب البيضاوي للبيت الأبيض، لان هناك ملف آخر يحمله "وزير الخارجية القادم" ومدير المخابرات الحالي وليم بيرنز للرئيس بايدن بعد المفاوضات الأمنية المهمة التي قام بها في قطر، والتي أعلن فيها عدم العودة للحرب مجددا على الرغم من انسداد الأفق التفاوضي حول وقف اطلاق النار وصفقة تبادل الاسرى بين قطر التي تتحدث بالنيابة عن المقاومة وإسرائيل.
جلسات الاستماع التي كانت بقيادة أمريكية وفي غرف مغلقة، احتوت على حوارات ساخنة وتناولت ملفات الاسرى العسكريين اللذين بيد كتائب القسام بمرتباتهم العالية، ومن سيقابلهم بالتسريح من السجون الإسرائيلية، حتى وصل الحديث لإطلاق ( سعادات والبرغوثي ) وغيرهم من القيادات الفلسطينية بصفقة تبييض السجون من الجانبين، وبهذا تكون الإدارة الامريكية امام تقريرين الأول يسمح بإعادة الحرب ضمن ضوابط محدودة يقدمه الوزير بلينكن والثاني يريد وقف اطلاق النار وابرام صفقة تبادل الاسرى يقف عليها وليم بيرنز.
وبين هذا الطرح وبيان هذا التصور تلتقى الإدارة الامريكية من اجل تحديد بوصلة الاتجاه وتحديد عنوان المسار الذى يحدد مآلات المشهد بغزة وفلسطين، كما المنطقة التي تشهد أجواء تصعيدية غير مسبوقة هذا إضافة لأجواء أخرى دولية جاءت مناصرة للحق الفلسطيني وأدت لانحصار روافع المساندة لإسرائيل ومشروع نتنياهو القاضي بإعادة احتلال غزة، بحجة اجتثاث حماس وتهجير سكانها عبر وسائل التهجير القسري او الناعم الذى ستصبح غزة بموجبه مكان طارد للعيش وغير آمن للسكن.
نتنياهو يدخل معركة البقاء بالسلطة التي وصلت إليها على وقع حادثة اغتيال الراحل رابين، وتمكن منها بعد انسحاب غريمه شارون من غزة ليعود من جديد من اجل إشعال حرب إقليمية بينه وبين ايران يتبوأ عبرها قيادة المنظومة الأمنية لدول المنطقة، ضمن إطار ما يعرف باتفاقات ابراهام لتنفيذ مشروعه التوسعي بنظرية الاحتواء الإقليمي، والذي تجعل من المنطقة تعيش بين معسكرين متضادين ( مقاومة بمرجعية فارسية وامنية بمرجعية إسرائيلية )، وهو ما جعل من نتنياهو يضع برنامج استكمال الجزء الثاني من الحرب على غزة حيز التنفيذ القاضي باحتلال غزة ومن ثمة العودة لاحتلال الضفة بنفس منهجية العمل المتبعة بالحل العسكري ومن ثمة التغلغل بواسطة مشروع الاحتواء الإقليمي، وتنفيذ حلم إسرائيل وخارطة الإيغور التي تظهر حدوده التوسعية بشكل واضح.
يدخل نتنياهو لهذه المرحلة وكله أمل من تحقيق أهدافه باحتلال غزة، والحصول على غازها و البدء بتشييد قناة بن غوريون وإعطاءه لأمريكا غنيمتها ببناء قاعدة سنتكوم المركزية على البحر المتوسط، فإن لم يستطع تحقيق ذلك بالشكل الذى يريد فان عليه واجب إنهاء هذه الحرب بصيد ثمين ليس اقل من اصطياد "حوت النصر"، بحيث يحوي هذه الحوت عند اصطياده على مخازن الأسلحة للمقاومة الفلسطينية ومسارات الأنفاق، كما يحوي أيضا على صيد ثمين من القيادات العسكرية للقسام وقيادات سياسية لحماس والجهاد، بما يعيد لإسرائيل "هيبتها" المفقودة التي فقدت يوم السابع من أكتوبر ولا نعلم أخبارها منذ ذلك الحين... ما إذا ما كانت أسيره باتفاق غزة او انها ماتت فى قبورها ولا يجوز عليها سوى الرحمة.
أما طلب تجميل تصويرها باستكمال المشهد الثاني من الحرب، فإن هذا يعتمد على قدرة تحقيق ما يصبوا إليه نتنياهو من أهداف في معركة "الحوت"، الذي يحمل الكرة الأرضية على ظهره وهو قادر على تغيير معادلاتها وإعادة ميزانها من أجل العدالة ورفع الظلم وجلاء المحتل ... فإن امة ال " ض" امة واحدة قد تكبوا لكن سرعان ما تنهض من جديد فكما خسر الجمع في معركة عسقلان سيولون الأدبار ان شاء الله في معركة الحوت؟.