المرحلة المقبلة من الحرب على غزة .. مؤشرات أوسع
د. عبدالله حسين العزام
30-11-2023 07:56 AM
تعد الحرب الغربية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة عام 2023، بمثابة الحرب الرابعة مع الفلسطينيين ممثلين بكتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس الفلسطينية، منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، سيما وأن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أسهمت من خلال مكانتها الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة و تدخلها العسكري بالعدة والعتاد والجنود بالوقوف خلف صغيرتها المدللة إسرائيل والتي تخوض نيابة عنها حرب دموية فتاكة بالوكالة ضد الشعب الفلسطيني، وترعب بها عموم دول الشرق الأوسط، لإعادة ترتيب وتشكيل الشرق الأوسط، بما يتوائم مع مصالحها وأطماعها السياسية والاقتصادية.
الاوساط الدبلوماسية في الدول الغربية والكيان الإسرائيلي في غضون الفترات السابقة، بشرت الشرق الأوسط بإعادة ترتيب للمنطقة يكون فيه الكيان الإسرائيلي سيداً وزعيماً للمنطقة وبرعاية أمريكية، مع إبعاد الفلسطينيين إلى الهامش وانهاء القضية، مع بروز اتفاقيات إبراهيم والتمزق المذهل في المشهد السياسي العربي حول القضية الفلسطينية وتزايد أعداد الدول العربية التي عملت باتجاه التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
ولعل الحدث المحوري خلال الفترة الماضية كان المحادثات التصالحية بين الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية، وسط المؤشرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الساخنة في قطاع غزة وبكافة مناطق الأراضي الفلسطينية المحتلة ومحاولة الولايات المتحدة تعزيز ملف تطبيع العلاقات بين الكيان الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية، والذي لم يرى النور بعد انفجار الفلسطينيين في السابع من اكتوبر 2023 في وجه المشروع الغربي الإسرائيلي، وربما ذلك جعل السعودية تعمل على إعادة النظر في تطبيع العلاقات أو تجميد الملف في ظل الصراع الغربي الإسرائيلي الفلسطيني الدائر وتوسع نطاق الصراع العالمي وتورط الولايات المتحدة الأمريكية فيه.
علاوة على ما سبق عملت عملية السابع من أكتوبر على إيقاف سيناريو تهويد المسجد الأقصى والضفة الغربية وإعاقة المشروع الغربي الإسرائيلي للخط البري وسكة الحديد والأنابيب الذي سيصل بين بحر العرب وموانىء المتوسط والخط البحري الذي يصل بين الهند وبحر العرب وبين موانىء دولة الاحتلال وأوروبا والممول وفق الخطط الغربية بأن يكون خليجياً بالإضافة إلى مشروع غاز المتوسط قبالة شواطئ غزة.
ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت خلال الأسابيع الماضية قرار الوصول إلى "الهدنة الإنسانية في قطاع غزة" لكنها لم تدعم الوصول إلى قرار "وقف إطلاق النار" حتى الآن، ولعل الغاية الأمريكية الإسرائيلية الرئيسية قصيرة المدى وتهدف أساساً إلى تحرير الرهائن بعد فشل المسيرات الامريكية والإسرائيلية والمساعي العسكرية الغربية الإسرائيلية على الأرض في الوصول إلى الرهائن وتحريرهم، علاوة على إعادة ترتيب القوات العسكرية الغربية الإسرائيلية ومراجعة الخطط العسكرية وآليات الاجتياح البري، سيما وأن جيش الكيان الإسرائيلي لا يملك القدرات لخوض حروب طويلة المدى تمتد لأشهر أو سنوات، وهذا ما انعكس ايجاباً إلى حد ما على الفلسطينيين بدخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود للمستشفيات، وتحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
لكن السؤال الذي يدور في الأذهان ماذا سيحدث في المنطقة إذا لم تتجه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى تغيير استراتيجياتها في التعامل مع الفلسطينيين وتحديداً في قطاع غزة، والعمل باتجاه اتخاذ قرار وقف إطلاق النار، بما يضمن وقف مشاهد الحرب القذرة الغربية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
بكل تأكيد فإن ذلك مؤشر على أن المرحلة المقبلة من الحرب الغربية الإسرائيلية على غزة، ستتجه برغم صعوبتها نحو محاولة السيطرة على الجزء الجنوبي من قطاع غزة كما جرى من محاولات في الشمال، ومواصلة استهداف الاطفال والنساء وتدمير أماكن العبادة، ما يعني أن تزداد التوترات في الضفة الغربية، وبالتالي احياء مخططات تهجير الشعب الفلسطيني والاستيلاء على الأرض، وأن تتحول الحرب الغربية الإسرائيلية على قطاع غزة إلى حرب إقليمية ، سيما وأن دول الجوار وتحديداً الأردن ومصر تعتبر تهجير الفلسطينيين تهديد لأمنها القومي وقضاء على القضية الفلسطينية واستيلاء على أراضيها، وستجد العديد من الدول نفسها مشاركة الحرب الإقليمية الفتاكة، وهو ما يعني أننا في المراحل الأولى من الشر الأعظم مع بروز ملامح الحرب العالمية الثالثة، وسط صراع الحضارات ما بين الشرق والغرب وتوسع نطاق الحرب الغربية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والصراع الغربي الروسي الأوكراني، والصراع في بحر الصين الجنوبي، ما لم يتم التخلي عن العنف والقوة واللجوء إلى العقل والحلول السياسية.