الأردن وفلسطين .. الولادة من الخاصرة
نادر قديسات
29-11-2023 01:21 PM
كان من الممكن أن نفكر قبل طوفان الأقصى بأبعاد سياسية مختلفة فثمة فريق يدعم حماس والآخر ينتقدها وعلى العكس تماما فريق يؤيد السلطة الفلسطينية والآخر ينتقد مواقفها.
هذا التباين وان كان نسبيا فانه يوجب علينا الآن وفي هذه المرحلة الخطيرة والمركبة التي نشهد فيها عدوانا لا يفرق بين الانتماءات والولاءات ولا حتى البشر والحجر أن ننحي الصراعات السياسية والحسابات الدبلوماسية جانبا ونركز كشعوب ومجتمعات بأن نتحد، ندعو، نقاطع، نحشد، نقاتل، نتعلم من أخطائنا والأهم من ذلك أن نمتلك ما نحن بحاجته فعليا مياهنا وكهربائنا وطعامنا وحتى مشروباتنا الغازية ذات الجودة العالية التي تلبي حاجات السوق الأردني والأسواق العربية.
هل قاطعنا الشركات المنتجة للسلع ذات الجودة العالية واكتفينا؟، ماذا بعد؟ لماذا لا نكون رواد المنطقة في صناعة منتج ذي جودة عالية؟، الأرض موجودة، واليد العاملة موجودة والمستثمرين المحليين موجودين، والخبراء الاردنين موجودين وعلى ذلك فلنقس كافة احتياجات المملكة وننتجها لنا وللعرب.. ندعم اقتصادنا نحاول القضاء على متلازمة الفقر والبطالة الملازمة للمواطن الأردني في حياته
والأهم أننا ننتج، والأهم أننا نقاطع ونحن اذ نقاطع من اجل فلسطين فنحن بطبيعة الحال نقاطع لأجل الأردن.
فاقتصاد أقوى ومصانع تعمل، يد أردنية تنتج، مساحات تستغل بحكمة، بقع خضراء تزرع هو السلاح الذي يمنحنا القوة والتأثير مقابل عدم التأثر بالازمات على نحو كبير ما يضعف ويحدد قرارنا ويعطينا دورا اكبر واكثر فعالية بانتاج الحلول.
هذه الازمة كفيلة بتعليمنا درسا بأنه لا نستطيع الاعتماد على أي دولة في العالم، والأهم من ذلك أن نعلم بأننا سندفع ثمن وقوفنا مع غزة كما دفعنا الثمن سابقا بوقوفنا بجانب بغداد ما يحتم علينا التحوط مسبقا لردات الفعل.
ولما كانت الفرص تولد من الخاصرة ومن رحم التحديات والمعاناة فإن ما يجري على الأرض الفلسطينية وما ترجمه الأردن من مواقف وإجراءات شجاعة تدلل على أن الأردن بمقدوره أن يحول التحديات إلى فرص قابلة للحياة كما كان على الدوام، فالاعتماد على الذات أصبح ضرورة وليس ترفا أو مجرد شعارات أو مشاريع لم تغادر سياقها النظري فاليوم العض على النواجذ وربط الصخور على البطون ومراجعة شاملة لأنماطنا الاستهلاكية والحد من النفقات على الصعيدين الشعبي والحكومي هي خيارنا الأقوى لمواجهة السيناريوهات المحتملة وغير المحتملة لما بعد الطوفان.
جميعنا نعلم بأن أردن أقوى يعني فلسطين أقوى، وانه من أجل تحرير القدس يجب أن تكون عمان قوية.
شاهدنا الأردن يقود الموقف ويحمل هم القضية وهو مكشوف الظهر والجوانب ودون غطاء عربي حقيقي يستطيع الأردن أن يحتمي به، ولكن رغم هذا شاهدنا قطعا للعلاقات وتسلسل تصاعدي في الموقف الأردني بتراتبية مع سياق الأحداث في غزة وان ما شهدناه من تقارب في الموقفين الرسمي والشعبي في الأردن ما هو إلا دلالة على أن فلسطين لم ولن تبقى وحيدة فعمان والقدس وجهان لعملة واحدة.
وإذا كان البعض منا يعتقد أن الاردن يستطيع تقديم الاكثر ولم يقدمه فإنه ليس من باب الانتقاص من موقفنا المشرف وانما شعورا يلازم كل مواطن منا على أنه مهما قدمنا فإننا نبقى مقصرين بنظر انفسنا وانه يجب ان نقدم المزيد والمزيد فداء لمسرى الرسول الكريم.
إن الموقف الرسمي الأردني أوضح للشعب الأردني وشعوب وحكومات العالم على مدى علو كعب الأردن في المنطقة وأنها الداعي الحقيقي للسلام والداعم للعرب وقضاياهم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
إن الموقف الرسمي الذي يقوده جلالة الملك اليوم وولي عهده الأمين ودبلوماسية وحكمة الدولة الأردنية ترجمت لكل لغات العالم وأوضحت زيف الادعاءات الصهيونية الكاذبة وقدمت عدالة القضية الفلسطينية بخطاب مستنير يشخص الواقع ويستشرف المستقبل والحلول..