الأردن ووحدة الدّم والمصير
د. محمد العايدي
29-11-2023 10:30 AM
لا يمكن لأحد أن يشكك في أهمية الدور الأردني في ثبات القضية الفلسطينية على الخارطة وعلى الارض، ولم يُسجل ولو للحظة واحدة وفي جميع الأحوال والظروف ان الأردن أدار ظهره للقضية الفلسطينية منذ عهد الملك المؤسس مرورا بالملك الحسين الباني ووصولا إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وذلك لأسباب:
أولاً: أن الأردن لا يتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها شأن فلسطيني لا علاقة للأردن به، بل تعتبر الدولة الأردنية ان القضية الفلسطينية جزء لا يتجزء من الأمن القومي الأردني، بل يذهب الأردن إلى أبعد من ذلك، فيتحدث عن وحدة المصير المشترك، وهذا ما يترجم موقف القيادة الهاشمية الصلب والواضح بما لا مواربة فيه امام الحرب الأخيرة الهمجية على قطاع غزة والضفة الغربية أنه لا ولن يسمح بتصفية القضية الفلسطينية بتهجير أهلها مهما بلغ الثمن ملوحاً بمواجهة عسكرية إن اقتضى الأمر.
ثانياً: أن العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني اجتماعياً وسياسيا وفكرياً متصلة بشكل كبير لا يمكن الفصل بينهما، والتي تبدأ من وحدة المشاعر إلى وحدة الدم، فالجيش العربي الأردني امتزجت دماء أبنائه بثرى فلسطين، كما أن الملك المؤسس استشهد على ابواب المسجد الأقصى، والشريف الحسين بن علي أوصى بدفنه في القدس، فهنا نتحدث عن وحدة الدم، وهذا ما يجعل القضية الفلسطينية من اهم أولويات الأردن؛ لانه يرى أن تصفية القضية الفلسطينية هو تخلي عن الدم الأردني الذي امتزج بتراب فلسطين .
ثالثاً: أن الأردن يرتبط بفلسطين ارتباطاً تاريخياً ودينياً ومعنوياً، ومن هنا بقيت القيادة الهاشمية متمسكة بالوصاية على المقدسات مع ما تعرض له الأردن من ضغوط سياسية واقتصادية كبيرة جدا من أجل فك العلاقة بين الأردن والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ولكن في كل مرة تؤكد فيه القيادة الهاشمية أن هذا الأمر غير قابل للمساومة او التفاوض مهما بلغ الثمن، وهذا ما يفسر الموقف الأردني القوي والصلب في وجه كل محاولات اغتيال القضية وتصفيتها، وما كان هذا ليكون لولا الايمان المطلق والحتمي بارتباط الأردن بالقدس، وبكل فلسطين ارتباطاً وحدوياً لا يقبل الفصل بينهما.