اختلطت الاوراق بشكل عميق وتوسعت المخارج والمداخل بشكل كبير، بعدما اعتبر الناتو بالاكثرية أن حماس حركة مقاومة وطنية وليست منظمة ارهابية، وهذا ما يدعمة الموقف التركي بتأييد من بلجيكا واسبانيا، وهو الاستخلاص الذي يأتي عشية دخول الصين الى مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار والموافقة على الدولة الفلسطينية، ويأتي هذا من على أرضية الاقتراح المصرى باقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ودخول الناتو على خط الوجود الامني لقواته في الدولة الفلسطينية، وهو الحضور الذي تتحفظ عليه روسيا فى ظل الوجود الروسي على خطوط التماس البحري في موانئ طرطوس واللاذقية.
ولم تقف مستويات خلط الاوراق عند هذا الحد، بل ازدادت تعقيدا بدعوة السعودية لمنظومة بريكس بحظر التعامل مع الاسلحة الاسرائيلية وهي الضربة التي جاءت مباشرة في المرمى الاسرائيلي وتحمل تبعات عميقة على مسرح الأحداث هذا اضافة الى الموقف الإيراني الذي مازال يمسك بزمام الأمور في مضيق هرمز وباب المندب، اضافة الى الروسي الذي مازال يتمترس في أوكرانيا ...
وهو ما جعل من مدير المخابرات الأمريكي يقييم في قطر من اجل الاجتماع مع كل الاطراف المعنية القطرية والمصرية والاسرائيلية والفلسطينية "حماس" من اجل شراء وقت عبر هدن "حتى لو كانت عبر تبادل جثامين" وذلك لتهدئة حالة الغلو السياسي التي قلبت موازين المشهد العام وجعلته يعيش حالة مخاض سياسي عميق أصبحت فيها الهدن مطلبا أمريكيا للخروج من الأزمة السياسية التي دخل الجميع في دوامتها دون سابق انذار .
وهو ما يؤكد ان "نار غزة" تحولت من نيران عسكرية الى حمى سياسية أدخلت العالم فيها وبات الجميع يتوجس من الجميع والكل يدخل الى دوامة المخاض المسلح بورقة تفاوضية، يريد دعم موقفه وتحسين مكانته وهو المشهد الذي طالما حذر منه الاردن من وصوله الى هذه المستويات فإن القفز فوق الحقوق الفلسطينية سيدخل المنطقة والعالم في حالة مخاص وتصعيد وهو ما يمكن قراءته عند استعراض الصورة الكلية للخارطة السياسية .
فالسويد مثلا لن تدخل الناتو دون موافقة تركيا التي تريد من الناتو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وروسيا لن تخمد نيرانها في اوكرانيا دون وقف اطلاق النار في غزة، وإيران لن تنهي ملف سلمية التجارة الدولية دون تحسين شروطها الاقليمية (تيار المقاومة) ومصر تعرض أرضية عمل يستغلها الناتو لبناء وجوده في شرق المتوسط عبر شواطئ غزة وهو ما جعل حالة المشهد السياسي مأزوم لدرجة كبيرة وبحاجة لقرارات حاسمة لكنها حكما لن تسمح بعودة توجيه ضربات جديدة على جنوب قطاع غزة التي يرفضها الناتو شكلا اضافة للقوى الإقليمية التي تتخذ موقفا صارما من هذا التوجه كما روسيا والصين.
ولحين جلاء الموقف واستتباب المناخ العام سيبقى الأمر الاجرائي قائم على "هدنة تليها هدنة" لإنهاء ملف تبادل الاسرى الذي تريده الإدارة الأمريكية لغايات انتخابية قبل الدخول في عطلة الأعياد السنوية والتي ستعقبها اشتعال الأجواء الانتخابية على الساحة الأمريكية والتي يبدو أنها ستكون عاصفة هذه المرة بطريقة استثنائية لما تحمله من اسقاطات خارجية وما تقف عليه داخليا في ظل توسع الاحتجاجات الى مستويات غير مسبوقة وصلت لاضراب المتظاهرين الشباب عن الطعام احتجاجا على الحالة المأساوية في غزة واشتداد حمى المنافسة بين الادارة الديمقراطية والمعسكر الجمهوري الذي يدخل للسباق بمرشحين واحد للحزب والآخر مفروض عليه حسب استطلاعات الرأي (ترامب) هذا إذا لم يُحدث جديد في نهايات سباق الحصول على بطاقة الترشح للتيار الاحمر .
وبناء على هذه الارضية، فإن فلسطين الدولة باتت مقررة سياسيا والخلاف يقوم على المسؤولية الأمنية التي يريدها الناتو لتكون ضمن مسؤولياته لتبقى متصلة امنيا بين مصر واسرائيل والاردن وهو التصور الأقرب للإقرار والنموذج الأكثر قبولا كونه يحقق الامن لإسرائيل والسلم للفلسطينيين والقاعدة العسكرية لامريكا، وبهذا تكون ضمنا فلسطين في الناتو..