مشروع الناقل الوطني وأثره الإيجابي على الأمن المائي الاردني
أ.د تركي الفواز
29-11-2023 12:24 AM
يواجه قطاع المياه في الأردن العديد من التحديات منها: عدم التوازن ما بين محدودية المصادر المائية المتوفرة والاحتياجات المائية المطلوب توفيرها لتلبية زيادة الطلب الاستهلاكي للسكان، والقطاعات الصناعية، والزراعية، بالإضافة الى الفاقد المائي الذي وصلت نسبته لـ50% نتيجة الاعتداءات المتكررة على الخطوط الناقلة للمياه ، وتآكل شبكات المياه ، ويُعد الأردن من ضمن أفقر عشر دول في الموارد المياه على مستوى العالم، ويعاني من عجز سنوي بالمياه يبلغ 400 مليون متر مكعب، بالإضافة الى تدني كميات هطول الامطار، مما أدى الى الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية لسد العجز، و الذي قدر بأكثر من 600 مليون متر مكعب سنوياً. وتقدر احتياجات الأردن من المياه بـ 1500 مليون مترٍ مكعب سنوياً المخصصة للأغراض المنزلية والصناعية والزراعية.
لذا، اقتضت الحاجة للبحث عن حلول لتأمين كميات المياه اللازمة والضرورية للاستهلاك المحلي، وتم اختيار مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر كمشروع استراتيجي. ويُعَد هذا المشروع من أهم المشاريع الوطنية في الأردن، ويحمل أولوية قصوى في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، كما سيكون محركًا للنمو وخلق فرص عمل في قطاعات حيوية مثل الصناعة والسياحة والزراعة.
ويتكون مشروع الناقل الوطني من عناصر رئيسية، بدءًا من محطة على الشاطئ الجنوبي لخليج العقبة، وصولاً إلى محطة لتحلية وضخ المياه في منطقة العقبة، مع وجود خط ناقل يمتد لمسافة تقارب الـ 450 كيلومترًا. هذا الناقل سيسهم في توفير حوالي 350 مليون متر مكعب من المياه المحلاة، والتي من المتوقع أن تحل مشكلة العجز المائي الحاد في الأردن.
تبلغ كلفة مشروع الناقل الوطني حوالي ملياري دولار، يتطلب ذلك توفير المنح والتمويل الميسر لهذا المشروع، والهدف من ذلك توفير المياه بأسعار معقولة للمواطنين. لا بد أن تنصب جهود الحكومة على عقد مؤتمر يهدف إلى جمع التمويل من المانحين والممولين. ولتحقيق ذلك، على الحكومة أن توضح مبررات المشروع والجوانب الفنية وتحديد احتياجات المشروع من الطاقة، تحديد الدعم المالي المقدم من الحكومة. فتمويل هذا المشروع يتطلب جهوداً كبيرة من الحكومة بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الدولية، وربما يتضمن استثمارات من القطاع الخاص لضمان استمرارية المشروع من الناحية المالية والبيئية.
يُعَد مشروع الناقل الوطني مشروعًا ضخمًا يستلزم تكاليف مالية هائلة بفعل التكنولوجيا المتطورة المستخدمة والبنية التحتية الضخمة المطلوبة لتنفيذه. الجوانب المالية لهذا المشروع تتضمن تحلية المياه، وتكلفة البنية التحتية، والطاقة، والصيانة والتشغيل، والتحديات الهندسية والبيئية. ومن الضروري تسريع وتيرة العمل في تنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه، كونه يمثل أحد الحلول الرئيسية لتحدي نقص المياه في الأردن. ويجب دعم هذا المشروع وتعزيز الجهود المبذولة لضمان نجاح تنفيذه، فهو لا يُحلّ مشكلة العجز في المياه فقط، بل يُعزّز أيضًا استدامة الموارد المائية والتنمية الشاملة في الأردن.
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، خلال لقاء ممثلين عن القطاع الخاص في قصر الحسينية، بحضور ولي العهد الأمير الحسين المعظم، على أهمية مشروع الناقل الوطني وتأثيره الإيجابي على الأمن المائي. إذ يُعتبر هذا المشروع محرّكاً لعدة قطاعات، داعياً القطاع الخاص إلى دعمه والمساهمة في تنفيذه.
باختصار، يلعب مشروع تحلية مياه البحر الأحمر دورًا حيويًا في دعم وتطوير عدة قطاعات مختلفة. إذ أنه سيُعزز القطاع الزراعي من خلال توفير المياه المحلاة، مما يعزز الإنتاج ويساهم في تنويع المحاصيل وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية. أما القطاع الصناعي، فيستفيد من توفير المياه لتحفيز النمو والتوسع في مختلف قطاعات الصناعة: الغذائية والتحويلية والإنتاجية. بالنسبة للسكان، سيتم توفير كميات كافية من المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والشخصية. من ناحية أخرى، يلعب القطاع الاقتصادي دوراً هاماً، إذ أن توفير المياه يعزز النمو الاقتصادي ويزيد من فرص الاستثمار والتنمية الاقتصادية، وهذا يسهم في تعزيز الاستقرار والاستدامة والتطور الشامل للبلاد.